تقرّر عند المطالعين المستفيدين منها أنه لم يخلف مثله بعده. مضى إلى الملوك ، وكفاية الله به ، وحفظه وصيانته عن أن تنوشه أيدى النّكبات ، أو ينهتك ستر دينه بشىء من الزّلّات.
الرابع عشر ، من جمادى الآخرة ، سنة خمس وخمسائة.
ودفن بظاهر قصبة طابر أن.
والله تعالى يخصّه بأنواع الكرامة فى آخرته ، كما خصّه بفنون العلم فى دنياه بمنّه.
ولم يعقب إلا البنات.
وكان له من الأسباب إرثا وكسبا ما يقوم بكفايته ، ونفقة أهله وأولاده ، فما كان يباسط أحدا فى الأمور الدنيوّية ، وقد عرضت عليه أموال ، فما قبلها ، وأعرض عنها ، واكتفى بالقدر الذى يصون به دينه ، ولا يحتاج معه إلى التعرّض لسؤال ومنال من غيره.
ومما كان يعترض به عليه وقوع خلل من جهة النحو ، يقع فى أثناه كلامه ، وروجع فيه ، فأنصف من نفسه ، واعتراف بأنه ما مارس ذلك الفن ، واكتفى بما [كان] يحتاج إليه فى كلامه ، مع أنه كان يؤلّف الخطب ، ويشرح الكتب ، بالعبارات التى تعجز الأدباء والفصحاء عن أمثالها ، وأذن للذين يطالعون كتبه ، فيعثرون على خلل فيها من جهة اللفظ ، أن يصلحوه ، ويعذروه ، فما كان قصده إلا المعانى ، وتحقيقها ، دون الألفاظ ، وتلفيقها.
ومما نقم عليه ما ذكر من الألفاظ المستبشعة بالفارسية فى كتاب كيمياء السعادة ، والعلوم ، وشرح ، بعض السّور ، المسائل ، بحيث لا يوافق مراسم الشرع ، وظواهر ما عليه قواعد الإسلام.
وكان الأولى به ، والحقّ أحقّ أن يقال ، ترك ذلك التصنيف ، والإعراض عن الشرح به ، فإن العوامّ ربما لا يحكمون أصول القواعد بالبراهين ، والحجج ، فإذا سمعوا شيئا من ذلك ، تخيّلوا منه ما هو المضرّ بعقائدهم ، وينسبون ذلك إلى [بيان] مذاهب الأوائل.
على أن المنصف اللبيب إذا رجع إلى نفسه ، علم أن أكثر ما ذكره ، مما رمز إليه إشارات الشرع وإن لم يبح به ، ويوجد أمثاله فى كلام مشايخ الطريقة مرموزة ومصرّحا بها ، متفرقة ، وليس لفظ منه إلا وكما يشعر أحد وجوهه بكلام موهم ، يشعر سائر وجوهه بما يوافق عقائد أهل الملّة.
فلا يجب إذا حمله إلّا على ما يوافق ولا ينبغى أن يتعلّق به فى الردّ [عليه] متعلّق ، إذا أمكنه أن يبيّن له وجها فى الصحّة ، يوافق الأصول.
على أن هذا القدر يحتاج إلى من يظهره ، وكان الأولى يترك الإفصاح بذلك ، كما تقدم ما ذكره ،