أعتقد أن وصف أحوال المسافرين على الجمال سيكون مفيدا لغير المطلعين على هذه الأمور ، ففي هذه الليلة كانت الشمس قد بدأت تغرب ونحن كنا لا نزال نتابع مسيرنا ؛ لأننا لم نجد مكانا نستطيع أن نخيّم فيه وكانت هذه الأماكن المناسبة للتخييم تصادفنا لمرة واحدة تقريبا كل ستة أميال في طريقنا. كان «حبيب» (١) وهو المرشد الذي أعطيناه أجره كاملا ومقدما أصبح يقسم بالله أننا لن نجد مكانا مناسبا للتخييم ، وكلما عبرنا مسافة تقارب عشرة أميال كان يزداد قلقه ويؤكد لنا أننا لن نصادف مكانا آخرا حتى منتصف الليل. وكان الرجال يؤيدونه بشدة مع أنهم لا يعرفون عن الطريق شيئا ، وهكذا تدخلت في الموضوع مضطرا وقرّرت أن أرفض التوقف من الآن في أي مكان حتى الساعة الرابعة بعد الظهر. أما في هذه الليلة فكانت الجمال مجهدة جدا وهي تمشي بين الجبال القاحلة في ظلام حالك ، وكنت أضحك على الرجال لأنهم تقبلوا أسلوبي تجاههم مع أنهم يعرفون طبيعة المنطقة أفضل مني ولكنهم امتنعوا عن التعليق على
__________________
(١) كان واحدا من المرشدين المحليين الذين كان يستعين بهم «فلوير» عند ما يمر من منطقة إلى الأخرى.