تحول الجبال القائمة على ضفتى النهر دون السير عليهما ، فلا سبيل للمسافر إلا أن يخترق الجبل ساعة. وقد لاحظت مرة أخرى أن الجبل يتألف هنا أيضا من الصخور الجرانيتية. والسلسلة الجرانيتية لا تنقطع من أسوان إلى دهميت. أما فى جنوب دهميت فالجبل الذى يكتنف النهر قوامه الحجر الرملى ، ويظل كذلك حتى الشلال الثانى عند وادى حلفا. فيما خلا الصخور الجرانيتية المشرفة على تيفة ، والتى تمتد إلى كلابشة.
وهبطنا ضفة النهر بعد ساعة ، ومررنا بقرية دارموت (دار موسى) ، وبعضها مشيد على جزيرة صخرية ، وبعضها على الصخور العالية المشرفة على الضفة الشرقية. وليس أبهى وأروع من منظر الشمس الغاربة على الجزائر الجرانيتية السوداء تحيط بها مياه النهر الصافية (١) والشطئان المكسوة بالخضرة. والجزائر الكثيرة ترصع مجرى النهر من هنا إلى تيفه. وبعد مسيرة سبع ساعات وثلاثة أرباع الساعة بلغنا وادى كلابشة وهو أكبر الوديان أو القرى التى مررنا بها حتى الآن. وعلى الرغم من ضيق الوادى هنا توجد تلال كبيرة من الأنقاض وحطام الأوانى الخزفية على طول سفح الجبل ، مما يشير إلى موضع مدينة قديمة كانت تقوم فى المكان. وبما أن هناك أطلالا كبيرة على الضفة المقابلة ، فإن المرء يستطيع أن يخلص مطمئنا إلى أن المكانين هماContra Talmis ,Talmis. وليس ثمة أنقاض متخلفة من أى بناء فى الضفة الشرقية ، والبيوت التى تتألف منها القرية القائمة على هذه الضفة ـ وعددها مائتان ـ تشغل مساحد يقطعها المسافر فى نصف ساعة ، وبلغنا الشّقيّق بعد ثمانى ساعات ونصف ، وأبو هور بعد ثمانى ساعات وثلاثة أرباع الساعة. وقد مررت خلال رحلتى فى هذا اليوم بعدة مجار للسيول. والسيول تندفع إلى النهر حين تهطل الأمطار غزيرة على الجبل ، ولكنها لا تسير أكثر من يومين. وهذه السيول هى السبب فى الزيادة الطارئة
__________________
(*) نصفو مياه النيل من مارس إلى يونيو. وقد استنكر قولنى كدر مياه النيل ، ولكنه لم يرها إلا فى الخريف والشتاء.