هو الأصل فى هذا الاسم الذى يطلق فى مصر على النوبيين ، أعنى «البرابرة» ، وهو لفظ لا يستعملونه هم فى بلادهم ، فهم يسمون أنفسهم النوبيين والكنوز كما أسلفت فى يوميتى. ويبدو أن المصريين رأوا التجار القادمين من بربر ومن إقليم إبريم متشابهين لونا فأطلقوا على الشعبين اسما واحدا ، ومثل هذا دعاهم إلى الخلط بين أهل بربر وأهل سنار ، فهم يسمون البربرى سناريا.
وأهل بربر عرب من قبيلة الميرفاب. وهم يردون أصلهم إلى الشرق (يعنون جزيرة العرب) كما ترد أصولها سائر القبائل العربية النازلة بوادى النيل ، من صعيد مصر إلى سنار. على أن لفظ الميرفاب لا يبدو عربى الأصل ، وهو بلغة البشاريين أشبه. وليس بين القبائل النازلة ضفاف النيل قبيلة كبيرة ، ولا يبعد الإقليم عن أخيه أكثر من رحلة يوم طولا. وأكبر هذه الأقاليم إقليم عرب الشايقية. ولا تمتد مساكن قبيلة الميرفاب أكثر من ست ساعات أو ثمانية على ضفاف النيل ، ولكن من رجالها نفرا كبيرا يسكنون الأقاليم المجاورة أغرابا. وهم يزعمون أن فى وسع القبيلة أن تسلح جيشا عدته ألف من العرب الأحرار وخمسمائة من الرقيق ، ولكنهم قلما يخرجون فى محاربة جيرانهم بأكثر من أربعمائة محارب أو خمسمائة. ويتزعم القبيلة أحد رجالها ، ولقبه مك (اختصار للفظ ملك) ، وهو لقب يحمله صغار رؤساء القبائل فى هذه الأرجاء حتى دارفور وسنار. ومنصب الملك وقف على الأسرة الحاكمة ، ولكنه ليس منصبا وراثيا ينتقل من الأب إلى أكبر أبنائه. ذلك أن ملك سنار قد بسط نفوذه على ضفاف النيل شمالا حتى الحدود الجنوبية لوادى المحس منذ ارتقت العرش أسرة الفونج ، وهو يولى هذا الإقليم من أعضاء أسرة تمساح من شاء ، أو قل إنه يبيع العرش لمن يدفع فيه أغلى الأثمان بعد وفاة الملك السابق. وليس لملك سنار سلطان على بربر أكثر من حق اختيار ملكها ، ولكنه فى كل أربع سنين أو خمس يوفد إليها أحد رجاله ليجمع منها جزية من الذهب والجياد والإبل قوامها عشرون جوادا وثلاثون بعيرا على التقريب. وكان ملوك دنقلة ـ إلى ما قبل اجتياح المماليك لإقليمهم ـ يؤدون جزية كهذه لسنار ، كذلك كان يؤديها عرب الشايقية ، ولكنهم أمسكوا عنها بعد أن اشتد ساعدهم