الزنوج. وفى سيقانهم وأقدامهم جمال قل أن تجده بين الزنوج ، ولهم لحى قصيرة ولكنهم مرد الخدود ، وشواربهم رقيقة قصيرة ، وشعورهم كثة قوية ولكنها ليست صوفية. فإذا كان الشعر قصيرا بدا مجعدا متلاصقا ، وإذا أرسلوه تألفت منه خصل عريضة عالية. وهم يقولون «نحن عرب لا زنوج» ، والواقع أنه لا يسلكهم فى عداد الزنوج إلا من اكتفى فى حكمه عليهم بالنظر إلى لون بشرتهم فحسب.
ويحرص عرب الميرفاب حرص غيرهم من القبائل العربية فى هذه الأرجاء من إفريقية على حفظ سلالتهم نقية خالصة ، ولن تجد رجلا من أحرارهم يتزوج بجارية من الحبش كانت أو من الزنوج ، فهو لا يرضى بغير عربية من قبيلته أو من قبيلة مجاورة ، أما أبناؤه من جواريه فلا يعتبرون أهلا للزواج إلا بالجوارى أو ببنات الجوارى. ويشاركهم هذه العادة كل البدو الشرقيين ، أما أهل المدن فى شبه جزيرة العرب وفى مصر فلا يجدون غضاضة فى الزواج من الجوارى الحبشيات أو الزنجيات.
ويؤدى الزوج لحميه صداقا عن ابنته جريا على عادة المسلمين ، وهو هنا أعلى مما يؤدى فى سائر الأقطار التى يسكنها العرب ، وقد يصل صداق ابنة الملك إلى ثلاثمائة ريال أو أربعمائة يحفظها الأب مهرا للعروس. وقل منهم من يتخذ أكثر من امرأة ، أما القادرون فلهم جوار ممن ملكت أيمانهم يقمن فى بيوتهم أو فى منازل مستقلة. ويسمون الخليلة هنا رفيقة ، ونسبة الخليلات عندهم أعلى منها فى أكثر العواصم الأوربية احتشاما. وندر من بين التجار من يمر ببربر دون أن يتخذ لنفسه خليلة وإن لم يمكث بالمدينة سوى أسبوعين. والذين يكثرون من اتخاذ الإماء هم أيضا ممن يدمنون الخمر وكأنه لا هم لهم فى الحياة إلا هذين. وخمرهم البوظة ، ويصنعونه بتفتيت الخبز المخمر من الذرة ومزجه بالماء وترك المزيج ساعات على نار هينة ، ثم يرفعونه عنها ويصبون عليه الماء ويتركونه أسبوعين ليختمر. وتختلف أسماء هذا الشراب بتفاوت نسبة تخمره ، فهو إما مريسة ، أو بوظة ، أو