ونساء بربر ـ حتى المنتميات منهن للطبقات العليا ـ يمشين سافرات ، وكثيرا ما ترى صغار البنات عرايا إلا من نطاق من شراريب جلدية قصيرة يلبسنه حول الخصر. ومن القوم من يكتحل ـ سواء منهم فى ذلك الرجال أو النساء ، ولكن هذه العادة ليست منتشرة بينهم انتشارها بين المصريين ، ونساء الخاصة والمتأنقات من الغوانى يطرحن فوق قمصهن عباءات بيضا بحواش حمر من صنع المحلة الكبرى. ويتدهن الرجال والنساء بالسمن الطازج كل يوم ، وهم يزعمون أنه منشط منعش ، وأنه واق من الأمراض الجلدية ومنعم للبشرة ، ويضيف الرجال إلى هذه الفوائد فائدة أخرى وهم يذكرون معاركهم الكثيرة ، وتلك أنه يقوى الجلد ويشدده ويجعله أعصى على طعنات المدى. ولكنى أقررعن خبرة إننى كنت أحس راحة كبرى فى الهجير إذا دهنت بالسمن صدرى وذراعى وساقى أو قدمى بعد السير المضنى. ولا يعرف القوم هنا «حمو النيل» الشائع فى مصر ، وكثيرا ما أعجبت بنعومة جلدهم وطراوته حتى مع طول تعرضهم للشمس ، وتلك هى الميزة التى يدل بّها العرب على الزنوج ، فإن لهم برغم سوادهم بشرة ناعمة كبشرة البيض ، أما بشرة الزنوج ففيها خشونة وغلظ ، ويد الزنجى يابسة كلوح الخشب ، أما يد العربى من غير طبقة الفعلة فرخصة غضة كأيدى أهل الشمال. والدهن المعطر الذى لا يستعملونه إلا فى المناسبات الخاصة مزيج من دهن الغنم والصابون والمسك ومسحوق خشب الصندل والسنبل والمحلب ، وللمزيج رائحة عبقة ، ويزعم الرجال أنه منبه قوى ، ولكن الحقيقة التى يستشفها المرء هى أنهم يتدهنون به عادة قبل أن يغشوا خليلاتهم.
وأهل بربر سلالة جميلة ، ولون الخلّص منهم أسمر دا كن ، فإذا كانت الأم جارية حبشية كان لون أطفالها أسمر فاتحا ، وإذا كانت زنجية كان لونهم أسود فاحما. ورجالهم أطول قامة من المصريين ، وهم أشد منهم أبدانا وأكبر أطرافا ، وليست لهم قسمات الزنوج إطلاقا ، فالوجه بيضىّ والأنف فى كثير منهم إغريقى خالص وعظم الوجنة لا بروز فيه ولا نتوء. بيد أن فى الشفة العليا غلظا خفيفا ينحرف بها عن معايير الجمال عند الأوربيين ، ولكنها مع هذا بعيدة الشبه بشفاه