أن أنضم إليهم ، وبذلك أصبح موقفى خيرا مما كان ، فإن رفاقى الدراويين دأبوا على أرذل المزاح وأسخف العبث طوال مقامنا فى بربر للاساءة إلىّ والغض من شأنى. ولما أيقنوا آخر الأمر أننى أصلبهم عودا ـ وقد ثبت هذا حين صارعت أقواهم غير مرة فصرعته ـ حاول غلمانهم إرهاقى بمعاكسات لا تنقطع ، ولم يكن من السهل على أن أردعهم عنها ، فرأيتنى مضطرا إلى احتمالها مخافة أن أعرض نفسى ـ إذا تركت جماعتهم فجأة ـ لشر مبيت لا أعرف مداه ولا أستطيع له دفعا.
واستقبلنا حمزة فى فتور شديد ، وظللنا ببابه سحابة يومنا قبل أن يرسل إلينا طعاما ، وقال رفاقى إنه لو سمع أن أحدا منا أصاب حظا من زاد فى أثناء مقامنا ببابه لعد ذلك منا إهانة له وتحديا لأننا ضيوفه. ومضى إليه اثنان من أصحابنا التجار يفاوضانه فيما يؤدى له من إتاوة ، أما الباقون فقد شغلوا كلهم بالذود عن متاعهم ودفع الأهالى الجشعين الذين تزاحموا حول المتاع أول الأمر يسألوننا عن حالنا متوددين ، ثم ما لبثوا أن حشروا أنفسهم وسطه. على أننا لم نلتحم بهم التحاما صريحا ، ولكن أشياء كثيرة فقدت من المتاع ومن بينها قصبتى. وأنبئنا آخر الليل أن المك لا يرضى بأقل من عشرة ريالات عن كل حمل وأربعة عن كل تاجر. وقد حسبت واحدا من التجار ، وأدينا الضريبة بعضها نقدا وبعضها عينا. أما العبابدة فقد أعفوا منها ، بل إنهم استطاعوا أن يعفوا بعض أحمال المصريين بحجة أنها أحمالهم لقاء بعض العطايا التى أخذوها منهم. وكنت أخاف أن يستولى المك على بندقيتى ، وحملنى على هذا الخوف ما سمعت من استيلائه على ما يقع تحت يده من أسلحة نارية ، لذلك تظاهرت فى الليلة السابقة بأننى أساوم شيخ العبابدة على بيعها له أمام رجال القافلة ، وكنت على يقين أننى إن لم أفعل هذا فسيشى بى رفاقى للمك ، وأعلن الشيخ لأصحاب المك أن البندقية ملكه ، ولم يستطيع أحد أن يكذبه ، وهكذا أنقذت بندقيتى ، ولكن الشيخ ظفر منى بريال جزاء صنيعه.
وبقى المك ببيته طوال الليل فلم نلقه ، ولكن ابنه أقبل يطلب لنفسه بعض الهدايا فكان جوابنا الرفض الصريح. فطلب أن يرافقه منا إلى البوظة نديم مرح يسمر معه ، فتقدم إليه أحد المصريين ، وشرفه ابن المك باصطحابه إلى ماخور قريب