الأطراف ، ثم يطوى كل سير منها بحيث يلتئم طرفاه ويكونان أنبوبة تربط رباطا وثيقا وتترك فى الشمس لتجف. ولا بد من ذلك هذه الكرابيج بالسمن أو الشحم لتصبح لدلة طيعة. وتباع فى شندى بسعر اثنى عشر كرباجا أو ستة عشر للريال الإسبانى. أما فى مصر ، حيث يكثر استعمالها وحيث يبعث مرآها الفزع فى أفئدة الخدم والفلاحين ، فثمن الواحد منها من نصف ريال إلى ريال. وهى فى الأجواء الباردة ـ حتى جو سوريا ـ تصبح قصمة وتتشقق وتفقد لدونها.
وتكثر التماسيح حول شندى ، وقد لحظت على وجه العموم أن هذا الحيوان يلتزم من النيل مناطق خاصة قل أن يجلو عنها. فهو قد اختفى مثلا من دلتا النيل اختفاء تاما مع أنه لا يوجد عائق معقول يعوقه عن الانحدار إليها مع النهر ، أما فى الصعيد فآثر البقاع عنده اليوم إخميم ودندرة وأرمنت وأدفو ، وقل أن تراه فيما بين هذه البلاد. كذلك شأنه فى بلاد النوبة حول دنقلة. وفى بربر لا يخشى أحد أن يلقى فى النهر تمساحا ، وكثيرا ما سبجنا فيه هناك وأوغلنا إلى وسطه ، أما فى شندى فالتماسيح تلقى الرعب فى قلوب الناس ، فالعرب والعبيد والنسوة الذين يقصدون شاطىء النهر القريب من المدينة صباح مساء ليغسلوا ملابسهم يجب ألا تغفل لهم عين ، أما السابحون منهم فى مياه النهر فيحذرون التوغل فيها. وقد شهدت غير مرة ظهور التمساح على القوم ورأيت مبلغ ما يلقيه مرآه من هلع فى قلوبهم فيرتدون جميعا إلى البر فى لمح البصر. وفى أثناء مكثى بشندى اقتنص التمساح رجلا أشاروا عليه بالسباحة فى النهر بعد إبلاله من الجدرى ففتك به. وكثيرا ما يؤتى إلى سوق سنار بالتماسيح فيباع لحمها فيها. وقد ذقت هذا اللحم مرة بإسنا ، ولونه أبيض مربدّ لا يختلف عن لون لحم العجل ، وفى رائحته أثر من رائحة السمك. وقد صاد هذا التمساح بعض الصيادين بشبكة قوية ، وكان طوله يزيد على اثنتى عشرة قدما. وأمر حاكم إسنا فجىء به إلى فناء داره ، وأطلقت عليه أكثر من مائة رصاصة دون أن تصيب منه مقتلا ، وأخيرا طرحوه على ظهره وأفرغوا مرودا صغيرا من الرصاص فى بطنه ، وهو أرق جلدا من ظهره. وقل أن يصطاد عرب شندى السمك ، ويبدو أنهم لا يعرفون الشباك ، ولكن أطفالهم يتلهون بصيد السمك بالسنانير.