الذى تحده سلسلة من الجبال تقطع عرضا فى ست ساعات أو ثمان ، وهى سلسلة تمتد حتى تحدق بالنهر. وقد ذكروا لى أن النمر كثيرا ما ترى فى الوديان الواقعة إلى الشرق من شندى ، أما الزراف فيعيش فى جبال الدندر ، وهو إقليم يقع فى اتجاه عطبرة على ست مراحل أو ثمان من شندى جنوبا بشرق ، ويصيده عرب الشكرية والكواهلة ، وينشدون منه جلده الذى تصنع منه أمتن أنواع الدرق. ورأيت كثيرا من التياتل الجبلية جلبت إلى سوق شندى ، وكانت من أوفر ما رأيت جسما ، ولها قرون طوال تنثنى حتى تبلغ منتصف ظهورها ، وبطرى القوم لحمها اللذيذ إطراء شديدا. ويطلقون على التيتل هنا اسم الآريل ، وهو اسم يطلق على الظبى الأحمر فى سوريا ، أما فى صعيد مصر فاسمه التيتل ، وفى سوريا البدن ، ويقتنصه البدو الجعليون فى فخاخ على نحو ما يقتنصون النعام. والنعام كثير الذيوع أيضا فى هذه الأرجاء ، على أن ريشه لا يبلغ فى الجودة مبلغ ريش نعام الصحارى الغربية. وأغلى الريش فى مصر ما جلب من كردفان ودارفور ، وتحمله قوافل دارفور إلى أسيوط. وبجلب فلاحو الجعليين ريش النعام إلى السوق حزما اختلط فيها الطيب بالردىء ، ويقايضون عليه بالذرة. وكان ثمنه يوم كنت بشندى عشر ثمنه بالقاهرة التى كانت تباع فيها أجود أنواعه بسعر مائتين وثمانين قرشا للرطل. وقد أدخل الباشا مؤخرا ريش النعام ضمن السلع التى يحتكر تجارتها.
وفرس البحر أو البرنيق قليل فى شندى وإن ظهر فيها حينا بعد حين. واتفق وجود فرس فى النيل قرب بيوضة خلال مقامى بشندى ، وكان يغير على الحقول غارات مدمرة. ولم يكن يظهر فوق الماء نهارا ، فإذا هبط الليل خرج إلى البر وأتلف بأرجله الضخمة من الزرع ما أتلف ، والتهم منه بنهمه ما وسعه أن يلتهم. ولا يعرف القوم وسيلة لقتل هذه الأفراس. أما فى سنار حيث يكثر عددها ، فيقتنصها الأهالى فى حفر يخفونها بالغاب فتسقط فيها الأفراس أثناء طوافها ليلا. ويجمع القوم على أن الرصاص لا يصرعها إلا إذا أصابها فى مقتل ، ومقتلها فوق الأذن. وتصنع السياط أو الكرابيج المأخوذة من جلدها فى سنار ، فإذا صادوا فرسا منها قطعوا على الفيل جلده سيورا دقيقة ، طولها خمس أقدام أو ست ، مستدقة