من القدس أنواع شتى من الخرز الأحمر والأسود ، ولا تكاد تجد واحدا من القوم ـ رجلا كان أو امرأة أو طفلا ـ لا يحمل فى عنقه أو ذراعه أو يده عقدا أو عقدين من الخرز. ولا يلقى الخرز من الزجاج هنا الرواج الذى يلقاه فى الحبشة ودارفور ، وإن كانت السوق لا تخلو منه. وأفضل أنواعه البندقى ، ولكن معظمه مصنوع فى الخليل (أو حبرون بجوار القدس) فهى التى تمون بالزجاج جنوب الشام كله وجل مصر وبلاد العرب. أما خرز بوهيميا الزجاجى الأبيض ـ ويسميه الإيطاليون Contaria d\'Olanda ـ فسوقه دارفور. ويباع فى القاهرة سنويا من خرز البندقية الزجاجى من أربعمائة صندوق إلى خمسمائة ، وزنة الصندوق منها عشرة قناطير ، وثمن القنطار يتراوح بين خمسين پتكا ومائة ، أى بين أربعة جنيهات وثمانية. وقد أتيح لى وأنا بجدة أن أشهد الخرز المزمع تصديره إلى أسواق الحبشة ، فعددت منه على الأقل اثنى عشر صنفا ، لكل منه اسمه الخاص ، منها «أم شهير» و «سرج الملوك» و «عين الحبة» و «ألوان» و «خمس جنوس» و «حسن بك» و «عثمان بك» وهكذا ، وكلها أنواع متباينة. فكل إقليم فى الحبشة يؤثر نوعا من الخرز الزجاجى لا يلقى إقبالا فى غيره. ويجلب التجار السواكنية إلى شندى ضربا من الخرز يسمى «الريش» ، وشراؤه وقف على تجار كردفان ، وهو أهم سلعة يقايضون بها على الرقيق فى بلادهم. كذلك يلقى هذا النوع رواجا فى دارفور ودار صليح وبرقو غربى دارفور ، ويجلب الريش من جزر الهند الشرقية ، ولا سيما من سورات ، وهو كرات مثقوبة من العقيق الملون فى حجم الكراز الصغير ، شديدة الشبه بالبلى الذى يلعب به الأطفال فى أوربا. وكانت الألف ريشة منه تساوى فى جدة خمسة عشر ريالا إسبانيا ، أما فى شندى فتباع بثلاث أوقيات ، أعنى بثمانية وأربعين ريالا ، وقيل لى إن الألف فى كردفان تشترى ستة من الجوارى يبعن فى شندى بمائة وعشرين ريالا. ويلبس النسوة الريش عقودا ، وتعد تجارته من أريح ضروب التجارة لسهولة نقله واحتمال إفلاته من رقابة شيوخ القبائل والأمراء.
المرجان. تجلب إلى سوق شندى مقادير يسيرة من المرجان الردىء. ويحلى