وبقبل القوم على السكر فى هذه الأنحاء يهدونه إلى العظماء والنساء (١). ويأكلونه وحده دون أن يدخلوه فى حلوى أو طعام.
ومن أهم السلع المستوردة من مصر التاكات ، وهى «كمبريت» خشن أزرق الصباغ يبطن به النساء ـ لا سيما نساء البدو ـ أفضل ملاياتهن. ويباع قطعا صغيرة كانت القطعة منها وأنا بشندى تساوى ريالا. وهو أروج السلع الصغيرة ، ويشتريه تجار كردفان على الأخص. ويقبله القوم أداة للمقايضة أينما سرت ، وتستطيع أن تعطيه للحكام المحليين عوضا عن الريالات إذا أعوزتك. كذلك يستورد القماش القطنى الأبيض ذو الاطار الأحمر وهو من صنع المحلة الكبرى بالدلتا ، ويرتديه عظماء القوم لا سيما فى سنار ، والملايات القطنية ذات الخطوط الزرقاء ، وتلتف بها الموسرات من النساء عند النوم. وتحمل قوافل دارفور العائدة من مصر هدايا للملوك والعظماء من الأقمشة الحمراء والمخمل والساتان والنسيج الخفيف الموشى بالذهب من صنع ليون وفلورنسة ، ومعها أنواع شتى من البفتة والكمبريت الإنجليزى. والإقبال عظيم على الكتان المنسوج فى أسيوط ومنفلوط ويصنع منه القوم قمصهم ، ولكنه أغلى من أن يروج بين العامة. ومن السلع الهامة التى تجلب من مصر جلود الغنم المدبوغة بأصوافها ، ويستعملونها فرشا لسروج الخيل ورواحل الجمال وبرادع الحمير ، ويفرشونها فى غرف نسائهم للجلوس عليها. وقد تصبغ باللون الأزرق أو الأحمر ، وتحمل إلى أقصى البلاد غربا وجنوبا. وما من شيخ لقبيلة أو كبير فى قرية إلا ويقتنى هده الجلود المدبوغة ، ومعلوم أن أغنام الجنوب لا صوف لها.
المسابح والعقود. ذكرت أن المسابح والعقود تستعمل فى هذه الأقطار أداة للتعامل. وأروجها مسابح صغيرة من الخشب مصنوعة فى صعيد مصر ، ويقبل عليها البدو والفلاحون على الأخص. وغير هذا نوع اشتهرت بصنعه دندرة ، ويصنع من نوى الدوم ، ويحمله من يبتغون الظهور بمظهر التقى والورع. وتجلب
__________________
(*) تطلب ألع غوانى شندى قمع سكر صلة من عشاقهن.