بعد أن قطع طريق القوافل المباشر من سنار إلى كردفان بفعل غارات عرب الشلك وسرقاتهم عند عبور القوافل للبحر الأبيض (النيل الأبيض). وهؤلاء العبيد إما من الحبش أو النوبا (واحدهم نوباوى) ، أما الأولون فجلهم جوار من شعوب الجلا ، وفيهم قليلات من الأمارا (١). على أن ما ترسله شندى إلى الشمال من هؤلاء الحبشيات قليل على وجه العموم ، فإن الملوك يشترون أفضلهن لحريمهم. ويمكن الحصول على الجوارى الحبشيات فى مصر وبلاد العرب بثمن أرخص ، وذلك بشرائهن من التجار الجبرت القادمين من مصوع والذين يبيعونهن فى جدة. وعدد الجوارى الحبشيات اللاتى يجلبن سنويا من سنار إلى سواكن أو مصر لا يزيد على المائة حسب تقديرى. وقد اشترى المماليك الكثيرات منهن مؤخرا ، ولا غرو فإنهن يمتزن عن سائر السود بالجمال وحرارة الحب والوفاء لسيدهن متى استطاع أن يغريهن بحبه.
ويطلق لفظ النوبا على جميع السود القادمين من بلاد العبيد جنوبى سنار. ويمتد إقليم سنار رحلة عشرة أيام بعد المدينة على ما علمت من تجارها ، واتجاهه جنوبى وجنوبى شرقى ، وتسكنه كله قبائل حرة من العرب. ويغير هؤلاء العرب على الجبال الجنوبية ويسبون أطفال الوثنيين ، وهؤلاء العبيد النوباويون ـ ويجب أن نسلك فى عدادهم أيضا العبيد المولودين فى إقليم سنار من آباء زنوج وأمهات حبشيات ، والذين يبيعهم بعد ذلك أصحاب آبائهم ـ هؤلاء العبيد وسط بين السود والحبش ، فلونهم أفتح من لون الزنج ، وهو ضارب إلى حمرة النحاس ، ولكنه أدكن من لون العرب الأحرار من أهل سنار وشندى. وفى قسمات وجوههم ما ينم عن أصلهم الزنجى فى جلاء ، ولكن فيها كذلك شيئا من التناسق. فأنوفهم وإن صغرت عن أنوف الأوربيين لا تبلغ فى انبساطها أنوف الزنوج ، وشفاههم أرق وعظام وجناتهم أقل بروزا ، وشعور بعضهم صوفية القوام ، ولكنها فى أكثرهم شبيهة بشعور الأوربيين ، غير أنها أقوى ، وهى دائما
__________________
(*) هكذا يلفظ العرب هذه الكلمة ، فهم لا يلفظونها أمهره Amhara كما زعم بروس. والاسم الذى يطلقونه على الأحباش «نقطى» لا «حبشى».