مجعدة. وفى باطن أيديهم طراوة تميزهم عن الزنوج الخلص الذين تحس بأيديهم قاسية كالخشب.
ويؤثر الناس فى مصر وبلاد العرب عبيد نوبا هؤلاء على من سواهم فى العمل البدنى ؛ فأخلاقهم طيبة ، ويزيد ثمنهم فى شندى ومصر على ثمن الزنوج عشرين فى المائة. أما العبيد الأحباش فمعروفون بعدم صلاحيتهم للعمل البدنى ، ولكنهم مطلوبون لأمانتهم ، وهم من خيرة الخدم فى البيوت ، وكثيرا ما يعملون كتابا ، ولا غرو فهم أذكى من السود. والعبيد النوباويون أسلم أبدانا فيما يقال ، وهم أعصى على المرض وأقوى على احتماله من الحبش ، وجلهم يصدر إلى مصر ، ولكن بعضهم يرسل إلى سواكن.
العاج. يشترى التجار المصريون سن الفيل بمقادير صغيرة ، ولعل هذه التجارة كانت فيما مضى أروج منها اليوم ، أما اليوم فالطلب على العاج قليل فى مصر ، وربما كانت علة ذلك أن أوربا تجلب ما تريد منه بثمن أزهد من بلاد البربر وجزر الهند الشرقية. على أن جلب العاج من دارفور إلى مصر ما زال يحتفظ ببعض أهميته ، وإن كانت سوقه كثيرا ما تكسد فى مصر كسادا تاما.
ويخيل إلى أن الزنوج لم يتعلموا قط استئناس الفيل ، فهم يوقعونه فى الحفر أو يقتلونه بإطلاق وابل من النبال عليه من فوق الأشجار التى يمر تحتها ، ويؤكل لحم الفيل قرب سنار فيما يقال.
قرن الخرتيت. يسمى الخرتيت فى بلاد الزنج «أم قرن» ، ومن الجلى أنه الأصل فى وحيد القرن الخرافى Unicorn. وقد وصف لى العرب الخرتيت مرارا فقالوا إنه أشبه بالبقرة الكبيرة لها قوائم غليظة وذيل قصير وقرن طويل واحد فى جبهتها (١) وجلد كالحراشف الكبيرة قاس كأنه الحديد. وكلما وصفت لهم وحيد
__________________
(*) إن عجز العرب عن التمييز بين المقادير والأبعاد لا يحتاج إلى بيان ، فهم قلما يتحرون الدقة فى استعمال الألفاظ الدالة على الطول أو القصر ، وعلى الكبر أو الصغر ، وعلى العلو أو الانخفاض ، وعلى العمق أو الصحولة الخ .. وهم إذا وصفوا شيئا غالوا فى تضخيمه أو تصغيره غلوا غير معقول.