من بلاد الحبش. والقهوة ليست شرابا شائعا فى هذه الأنحاء ، إنما هى ترف لا ينعم به إلا الملوك.
الجلد. فى سنار خير مصانع الجلد قاطبة من دارفور إلى البحر الأحمر. ويظهر حذق صانعيه ومهارتهم فى رحال الإبل (القصعة) والحقائب والصنادل. وتصدر الرحال إلى مصر لتوضع على الجمال أو الهجن ، وتباع بعشرين ريالا للرحل ، وتزين بالشراريب من الجلد ، وهى تجمع بين سلامة الذوق والمتانة. أما الحقائب أو الجربان فيشتريها التجار السواكنية ويبيعونها لأهل اليمن يحملون فيها زادهم فى السفر. وحياكتها غاية فى المتانة والدقة ، ولبعضها أقفال ، وكان أهل سواكن يبيعون منها المقادير الكبيرة للوهابيين فى مكة. وجلدها من خير أنواع الجلد ، ويفضل كثيرا جلود مصر والشام ، ويكاد يبلغ فى الجودة الجلد الروسى. وأما الصنادل السنارية فيلبسها كل من يعنى بلباسه من النوبيين رجالا ونساء ، وإن المرأة منهم لتؤثر أن تمشى بقميص ممزق عن أن تلبس صندلا قبيح الشكل. وفى حياكة هذه الصنادل من الدقة والأناقة ما لا ينتظر من عرب غير متحضرين. وفى سوق شندى يساوى أفضل زوج الصنادل من ريالين. ولكل بلد فى هذه الأقطار طراز منها يؤثره أهله ، وعلى ذلك تستطيع بقليل من الخبرة أن تنبىء عن موطن الرجل منهم بنظرة إلى قدميه. وكذلك الشأن فى بلاد العرب ، وإنى لأذكر أننى يوم وصلت جدة أول مرة منتعلا صندلا ابتعته من سواكن كان كثيرون ممن لا يعرفون من أمرى شيئا يشيرون إلى صندلى ويسألوننى ما الذى ذهب بى إلى سواكن.
الزمزميات أو المطاهر من الجلد ، والاقبال عليها فى مصر كبير
كذلك يدخل فى الواردات المجلوبة من سنار الدرق من جلد الخرتيت والزراف ، ويصنعه البدو من العرب ويبيعونه فى سنار ، ويستعمله القوم على طول ضفاف النيل وعبر الجبال حتى القصير وقنا فى صعيد مصر.
النبق. وينزع لحم الثمرة عن النواة ويجفف فى الشمس ثم يعبا فى حقائب جلدية صغيرة ويحمل حتى سواكن. وهو طعام لذيذ فى الرحلات.