فيه إطلاقا ، وقد لقيت بعد ذلك زنوجا فى جدة لم يذوقوا الماء فى هذه الرحلة أربعة أيام بأكملها. واضطررنا إلى البقاء راسين هنا الى الغد. والأصداف فى هذا البر أقل منها فى سابقه.
١٧ يولية ـ أقلعنا حوالى الظهر تحدونا ريح جنوبية ، وعند الغروب رست السفينة على صخر مرجانى غير بعيد من الساحل. وقد عرا الشمس هذا الصباح كسوف يكاد يكون كليا ، واشتد خوف الملاحين ومن بقى بالمركب من التكارنة من هذه الظلمة الغريبة التى لفتهم. وجريا على السنة ركع كل مسلم بالسفينة ركعتين وصلى «صلاة الكسفة» ، وبعدها راحوا يقرعون الأباريق والسيوف والدرق والملاعق بعضها ببعض طوال الكسوف.
١٨ يوليو ـ ركدت الريح هذا الصباح ، واضطر البحارة لاستخدام المجاذيف ، وطال تجديفهم حتى كلت أيديهم. ودخلنا حوالى الظهر مرفأ مقابل ضريح شيخ فوقه قبة ، واسم الشيخ عمرو ، ولم يكن بالمركب قطرة ماء. وقيل إن بالجبل وراء البر يئرماء ، ولكن أحدا فى السفينة لم يعرف موقع البئر على التحقيق. ومع أننا كنا مشرفين على جدة بحيث نسمع أصوات مدافعها فى المساء فإنه كان من المحتمل أن نظل فى السفينة أياما أخرى نتضور فيها ظمأ. لذلك طلبت نقلى إلى البر على طوف كان الريس قد ابتاعه من تبادة ، وتبعنى الراكب الرومى وسواكنيان وعبيدهما. وسارت جماعتنا الليل كله على البر ، وهو أرض قاحلة تكسوها طبقة ملحة ، حتى لقينا الدرب الرئيسى الذى يحاذى الساحل حتى اليمن. وعلى نحو ساعة من جدة بلغنا مخيما لبعض البدو ، فشربنا فيه وجددنا نشاطنا ، ثم دخلنا المدينة سالمين موفورين. وفى صباح ١٩ يوليو هرّبنا من معنا من عبيد إلى جدة ، لأن كل عبد ينزل المدينة من مركب يؤدى عنه صاحبه ربالا. أما السفينة فقد وصلت فى اليوم التالى ، وهو ٢٠ يوليو ١٨١٤.