أسرة الزبير إلى المماليك ضد الشايقية ، فى حين قصد مصر أخوه المدعو طبل بن الزبير ملتمسا مددا من الجند والعتاد ليحارب الغزاة الجدد (١) الذين انضمت إليهم جماعة أخرى من الشايقية يبلغون الثمانين فارسا وكانوا أعداء ألداء لقبيلة محمود العدلانابى. ومنذ ذلك الحين أصبح المماليك وعرب الشايقية فى حرب متصلة ذهب ضحيتها من الفريقين نفر كثير. وفى يناير الماضى خرج المماليك بكامل قوتهم فى حملة قاصدين مروى ، وفيما هم فى طريقهم إلى الجنوب عبرت الجبال جماعة من الشايقية وانقضوا على مؤخرة المماليك وقتلوا الأنباع القلائل الذين خلفوهم فى أرقو والخندق ، ونهبوا ما بقى من ثروتهم. تلك كانت حال البلادحين بلغت تينارى. وكان الشايقية لا يزالون فى أرقو ، ونتيجة الحملة على مروى مجهولة ، وأنصار الفريقين يذيعون عنها أشد الروايات تناقضا. وكان واضحا أن المملوكين اللذين رأيتهما فى الدر لا يستطيعان فى هذه الظروف أن يلحقا برفاقهما ، وكان الرأى أنهما سينتظران ما تسفر عنه المعركة فى قلعة جانك بالمحس ، وهى حصن حصين (٢).
ويبدو لى أنه ليس أمام المماليك فى الحالة الراهنة إلا إحدى اثنتين ، فإما أن يوجهوا للصعيد ضربة يائسة أخيرة إذا واتتهم أقل فرصة ـ واحتمال نجاحهم فى هذا ضعيف نظرا ليقظة محمد على وسهره ، وإما أن يحاولوا الاستيلاء على ميناء من موانىء البحر الأحمر ، وهناك يعززون قواتهم بأمداد جديدة من رقيق جورجيا ـ لأنهم لا يقبلون بين صفوفهم غير هؤلاء. ومصوع خير مكان يصلح لمثل هذا المشروع ، وهى تبعد عن مقرهم الحالى مسيرة اثنين وعشرين يوما ، أربعة منها عبر الصحراء إلى شندى ، وثمانيه عشر من شندى إلى مصوع أكثرها على ضفاف العطبرة المزروعة. وأعتقد أن المماليك يبيتون فتح الحبشة ، ولو حاولوا تنفيذ المشروع وأفلحوا فيه لا نفتح منفذ تجارى جديد على جانب كبير من الأهمية أمام شركة الهند الشرقية.
__________________
(١) رأيت هذا الزعيم فى أسيوط ، فإذا هو أسود عارى الجسد ليس عليه من مظاهر الملوك شىء.
(٢) حين عدت لإسنا فى شهر بونيو لقيت أشخاصا من دنقلة أنبأونى أن المماليك فشلوا فى هجومهم على مروى وارتدوا إلى دنقلة.