الأرض الصالحة للزراعة. ورأينا أعرابيا يحفر فى التلال الغربية ليستخرج الملح. ويوجد الملح قطعا بيضاء صغيرة تشوبها الرمال والحجارة ، ويغلى العرب هذه القطع فإذا ذاب الملح صفوه بقمصانهم واحتفظوا به فى قدور كبيرة من الفخار يصبون منها على طعامهم كلما أرادوا تمليحه. ومن هنا اتجه الطريق المحاذى للنهر شمال الشمال الشرقى. والصخر هنا كله من الحجر الأخضر. وبعد ثلاث ساعات ونصف بلغنا وادى مرشد. ويقوم بناءان منفصلان من الآجر على البر الغربى تجاه الجزيرة التى أشرت إليها فى رحلتى جنوبا ، أحدهما دير إغريقى صغير ، والآخر كنيسة ، وعليهما بعض رسوم للقديسين لا تزال ظاهرة على الجدران. والسهل هنا أعرض منه فى أى بقعة من بقاع بطن الحجر ، وبه آثار زراعة قديمة ، ولكنه اليوم مهجور ، وإن كان به نخل كثير. وكلما اتجه المسافر شمالا خفت وعورة الأرض وانخفضت السلسلة الشرقية انخفاضا محسوسا. وبعد أربع ساعات بلغنا ثلاثا أو أربعا من الكنائس الصغيرة أو الأديرة ، وهى متقاربة ، ولكن كلا منها قائم بذاته. ولعلها كانت مسكنا لرهبان طموحين أقصاهم التعصب الحزبى أو الطائفى عن القسطنطينية وقذف بهم إلى صحارى النوبة. وبعد خمس ساعات ونصف يختنق مجرى النهر ثانية بالصخور والجزائر ، ويظل على هذه الحال حتى شلال وادى حلفا. وهنا يبدأ وادى سوله ، ويصعد الدرب التلال الرملية التى تكتنف السهل الساحلى الضيق. وفوق قمة هذه التلال ينبسط سهل فسيح تنبث فيه آكام منعزلة لبعضها أشكال منتظمة حتى ليحسبها الرائى من صنع البشر. وبعد ست ساعات بلغنا حدود السهل الأعلى. وتشرف على النهر خراتب سور كبير سميك من الآجر مساحته ثلاثمائة قدم مربعة ، ولعله كان برجا للحراسة ، وليس بداخل السور آثار أبنية من أى نوع. ويستطيع الواقف فى هذا الموضع أن يرمى ببصره بعيدا فيحيط بمنظر النهر وجزائره. وعلى إحدى هذه الجزائر ، تحت الماء مباشرة ، أطلال من الآجر. وعدنا إلى النهر بعد سبع ساعات ونصف متجهين شرق الشمال الشرقى. وبعد