أو حامض (١). وهذا الطعام خشن جدا نظرا لرداءة طحن الذرة ، ولو لا فرط الجوع لما أغريت بتذوقه.
٢٥ فبراير ـ واصلت سفرى ملتزما ضفة النهر الشرقية. والطريق إلى الدر مأمون لا خوف فيه على المسافر ما دام فى صحبة أحد الوطنيين. ولقد وجدت فى الأهالى أينما سرت فضولا لم ألحظه فى غيرهم من قبل. كنا نمر بالقرية عدوا فى أكثر الأحيان فيخرج الرجال من بيوتهم أو من حقولهم ويجرون خلفنا ليسألوا الخبير من أنا ، وما غرضى من رحلتى. فكان يجيبهم بأننى قادم من إسنا ، منطلق إلى الدر ، أحمل خطابات من والى إسنا إلى الأمراء النوبيين. فيسألون عن فحوى هذه الخطابات ، ويلحون علىّ فى الترجل والإفطار معهم ليوصلوا استجوابى على مهل. وبلغنا وادى السيالة بعد ساعة ونصف ، ووادى عبدون بعد ساعتين ونصف ووادى دهميت بعد أربع ساعات. ولفظ «الوادى» يطلق هنا على كل قرية فى هذه النواحى حتى دنقلة. ويشمل الوادى الواحد مجموعة من ثلاث قرى أو أربع. فوادى دهميت مثلا يمتد نحو أربعة أميال على ضفة النهر. ويشتمل على أكثر من ست قرى لكل منها اسمها الخاص. لذلك يقع السائحون الذين يدونون أسماء القرى فى هذه النواحى فى الخطأ بسهولة إذ يخلطون بين الاسم العام لمجموعة القرى ، واسم كل قرية على حدة. وثمة قرى كبيرة قليلة العدد ، ولكنك أنى سرت صادفت نجوعا من خمسة بيوت أو ستة تقوم أينما نبت النخل على ضفة النهر أو سمح عرض الوادي بالزراعة.
وفى دهميت وجدت داود كاشف ، بن حسين كاشف ، معسكرا فى نفر من رجاله فى أخصاص من البوص. وأنخت بعيرى عند خصه ، وتناولت معه الفطور وأخبرته أنى مبعوث لأبيه وأعمامه فى مهمة. وحكام النوبة دائمو التنقل فى أملاكهم ليجبوا الخراج من رعاياهم ، ويرافقهم على الدوام حرس من أربعين رجلا أو خمسين ليجمعوه قسرا إذا اقتضى الأمر ، وليكونوا فى هذا النفر أقدر على السلب والنهب.
__________________
(*) تعرف هذه الفطائر محليا بالكابيده (المترجم).