وكانت فى الأصل تحمل فوقها دعامة مرتكزة عليها. ولم يبق اليوم من هذه الأعمدة سوى اثنان. وأمام كل عمود من الأعمدة المربعة تمثال ضخم من الحجر الرملى يبلغ ارتفاعه ثمانى عشرة قدما ، ويمسك صاحب التمثال سوطا بإحدى يديه ويرسل الأخرى إلى جانبه. والتماثيل كلها لذكور لكل منهم لحيته الصغيرة ولبدته العالية ، وعلى أكتافهم نقوش هيرغليفية. وعلى كل جانب من جانبى الرواق ممر مكشوف نحت من الصخر ، ولعل أحجار الأعمدة الأمامية قد اقتطعت منه. ويبلغ مربع بهو الأعمدة ثمانى عشرة خطوة ، وبينه وبين الرواق بوابة كبيرة وبه صفان من الأعمدة الضخمة ـ أو الدعائم بتعبير أصح ، لأنها بغير تيجان ـ وفى كل صنف ثلاثة منها ، ومساحة العمود فى الأصل خمس أقدام فى سبع. وأمام كل عمود تمثال ضخم يزيد ارتفاعه على عشرين قدما ، ويمثل الشاب الذى تراه عادة فى هذه التماثيل وعلى رأسه اللبدة ويداه تتقاطعان على صدره وقد حمل فى إحداهما السوط وفى الأخرى الصولجان ، وبرغم ما فى صناعة هذه التماثيل من خشونة وعدم تناسب (إذ فيها من الأخطاء فى تصميم الجسم ما يفوق حتى أخطاء تماثيل معبد السبوع ، وسيقانها ليست إلا كتلا غليظة مستديرة) فإنها تروع المتأمل لها فى هذا البهو الصغير نسبيا. والحق أننى برغم ما ألفت من جلال المعابد المصرية ـ وقد سبق لى أن رأيت منها الكثير مما لا يضارع روعة وجلالا ـ فقد تملكنى شعور الإعجاب حين دخلت هذا البهو المظلم وأبصرت هذه التماثيل الهائلة واقفة أمامى فى صمتها الرهيب ، وقد ذكرتنى من فورى بما رأيت من رسوم الكهوف المجاورة لسوراط ، وبغيرها من المعابد الهندية التى كشفت عنها الحفائر ، فهى من وجوه عديدة شديدة الشبه بمعابد النوبة. وفى الجدارين الجانبيين للبهو أربع طاقات أو كوى فى كل منها ثلاثة تماثيل بالحجم الطبيعى للذكور والأناث الرمزيين الذين تراهم على جدران المعابد المصرية. والتماثيل الوسطى تكتسى أثوابا طويلة ، أما الباقية فعارية. وهذه وتلك يعلوها غشاء صفيق من الجصّ ، وكانت فى الأصل ملونة ، فلا بد أن منظرها يومئذ كان فخما رهيبا. وثمة باب يؤدى بك من البهو إلى الهيكل ، وفى وسط الهيكل عمودان ضخمان ، وعلى كل جانب من جانبيه حجرة صغيرة