لعلها كانت حجرة الدفن. وعلى أرض كل من الحجرتين مقاعد حجرية عالية ربما كانت توضع عليها جثث الموتى ، أو لعلها كانت مناضد لتحنيط الجثث المودعة فى المعبد ، وقد حطم اللصوص أرض الحجرات بحثا عن النفائس فأصبحت اليوم تكسوها الأنقاض. وخلف الهيكل يقع قدس الأقداس ، ويصلهما بعضهما ببعض باب ، وعلى كل جانب من جانبى القدس حجرة صغيرة لها باب يصلها أيضا بالهيكل شأن حجرات معبد الدر. وفى حائط القدس الخلفى تماثيل أربعة لأشخاص جلوس بحجم يزيد على الحجم الطبيعى ، ورأيت وسط أرض القدس حجرا مخروطيا كبير الحجم لا أعرف الحكمة فى وجوده ، وجوانبه ملساء ناعمة لا أثر فيها لنقش أو كتابة ، ولعله كان قاعدة لتمثال ، أو لعله تابوت مقلوب. وقد امحى أكثر الرسوم والنقوش الهيرغليفية التى كانت تغطى جدران هذا المعبد فلم تعد العين تتبين منها إلا القليل ، وذلك لأن الحجر الرملى هش سريع البلى ، زد على ذلك ما كسا الجدران من سواد بفعل الدخان المتصاعد من النيران التى يشغلها الرعاة المجاورون للمعبد ، والذين يبيتون فيه أحيانا هم ومواشيهم. على أن فى القليل الباقى من هذه النقوش ما يحكم برداءة صنعتها. والتماثيل الضخمة سليمة ، خصوصا ما كان منها فى بهو الأعمدة ، أما تماثيل الرواق فمشوهة.
وبينما كنت أفحص الحجر الداخلية فى المعبد على ضوء شمعة ـ لأن الضوء لا يصلها إلا من الباب الخارجى ـ لحق بى شيخ قرشة فى حجرة رئيس الكهنة ، وكان قد أسرع خلفنا حين رآنا ميممين شطر المعبد. وسألنى أن أقاسمه الكنز الذى عثرت عليه ، أو على الأقل أن أعطيه حفنة منه ، ولكنه قنع بشمعة نفحته بها. وأرانى المكان الذى زعم أن الإنجليزيين (مستر لى ومستر سملت) قد عثرا فيه على كنز عظيم نقلاه على مركبهما ، وأكد لى أن أحد الفلاحين قد رأى الذهب بعينه! ومثل هذا يروى ويذاع ، ويقسم على صدقه كل فلاح. والعجيب أن المصريين ، على الرغم من طول مكث الفرنسيين فى بلادهم ومرور السائحين بهم باستمرار ، ما زالوا يعتقدون أن المعابد القديمة لا يقصدها الزائرون إلا بحثا عن الكنوز الدفينة فيها.