أن نرى المدى الذي وصلت إليه خزائن المشرق العربي قبيل وقوع الطامة الكبرى على يد المغول بسنوات.
وفي كل مكان زاره ابن العديم كان يلقى الحفاوة من رجال السلطة ، وكان في الوقت نفسه يلتقي بالعلماء وشيوخ العصر فيأخذ عنهم ، ولقد أودع ما أخذه عن علماء عصره ، وما رآه من أحداث أو شارك به ، أودعه في كتابه بغية الطلب ، حتى غدا هذا الكتاب أشبه بمنجم للمعلومات لا ينضب معينه.
وظل نجم ابن العديم يصعد في سماء السياسة في حلب وسواها حتى وصل إلى مرتبة الوزير ، ولكن مشاغل السياسة والحياة العامة لم توقف العمل الفكري ولم تعطله ، وهكذا صنف ابن العديم عددا كبيرا من الكتب ، غلب على معظمها سمة التاريخ ، ولعل أشهر كتبه «كتاب زبدة الحلب من تاريخ حلب» و «كتاب الانصاف والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري» وكتابه بغية الطلب الذي أشرنا إليه حتى الآن كثيرا ، وقد طبع كتاب زبدة الحلب في أجزاء ثلاثة في دمشق ، وأعدت الآن تحقيقه ، أما كتاب الانصاف فقد طبعت قطعة منه للمرة الأولى بحلب ثم اعيد طبعها في القاهرة ، وأقول قطعة ذلك أن الكتاب لم يصلنا كاملا بشكل مباشر.
وعندما قلت بشكل مباشر اردت أن أقول بأن الكتاب وصلنا بشكل غير مباشر ، فقد روي لي منذ سنوات أن واحدا من أحفاد ابن العديم ممن عاش بعد جده في القاهرة ، صنف كتابا حول القاضي الفاضل دعاه باسم