[ولم يزل حبيب بن مسلمة مع معاوية في حروبه ، وقد وجهه إلى أرمينية واليا ، فمات بها سنة اثنتين وأربعين. واستعمل معاوية عبد الرحمن بن خالد بن الوليد على غزو الروم ؛ ولشدة بأسه خافه معاوية ، وخشي منه ؛ وأمر ابن أثال النصراني أن يحتال في قتله. وضمن له أن يضع عنه خراجه ماعاش ؛ وأن يوليه خراج حمص. فلما قدم عبد الرحمن من الروم دسّ إليه ابن أثال شربة مسمومة مع بعض مماليكه فشربها ، فمات بحمص سنة ست وأربعين.
وقاد مالك بن عبد الله الخثعمي الصوائف أربعين سنة. وسير معاوية جيشا كثيفا إلى بلاد الروم ، وجعل عليهم سفيان بن عوف وأمر يزيد ابنه بالغزاة معهم ، فتثاقل ، واعتلّ ، فأمسك عنه أبوه. فأصاب الناس في غزاتهم جوع ومرض شديد ، وذلك في سنة اثنتين وخمسين.
وشتا بأرض الروم بعده عبد الرحمن ابن أم الحكم الثقفي وغزا المسلمون الصائفة في سنة أربع وخمسين كذلك ، وفتحوا قرب القسطنيطينية.
فلما مات معاوية سنة ستين ، وولي ابنه يزيد أمرهم بالعود منها فعادوا.
ومات يزيد بن معاوية بحوارين (١) من أرض الشام في سنة أربع وستين. وبويع بعده معاوية ابنه بالخلافة في الشام ولكنه لم يمكث إلا أربعين يوما حتى خلع نفسه ، ثم هلك.
__________________
(١) حوارين قرية في هضبة حمص الجنوبية الشرقية ، تتبع ناحية مهين ، منطقة مركز المحافظة ـ محافظة حمص ، تتصل بحمص بطريق مزفتة هي طريق حمص القريتين ، فيها آثار من العصور التدمرية ، والبيزنطية والاسلامية ، المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري.