ويقول الطبري : «حدثني جعفر بن محمد الفراء ان سبب خروج المعتصم الى القاطول كان ان غلمانه الاتراك كانوا لا يزالون يجدون الواحد بعد الواحد منهم قتيلا في ارباضها ، وذلك انهم كانوا عجما جفاة يركبون الدواب ، فيتراكضون في طرق بغداد وشوارعها ، فيصدمون الرجل والمرأة ويطأون الصبي ، فيأخذهم الاباء فيدكسونهم عن دوابهم ويجرحون بعضهم ، فربما هلك من الجراح بعضهم ، فشكت الأتراك ذلك الى المعتصم ، وتأذت بهم العامة. فذكر انه رأى المعتصم راكبا منصرفا من المصلّى في يوم عيد اضحى او فطر ، فلما صار في مربعة الحرشي (١) ، نظر الى شيخ قد قام اليه فقال له : يا ابا اسحاق ، قال : فابتدره الجند ليضربوه ، فاشار اليهم المعتصم فكفهم عنه ، فقال للشيخ : مالك : قال : لا جزاك الله عن الجوار خيرا ، جاورتنا وجئت بهؤلاء العلوج فاسكنتهم بين اظهرنا فايتمت بهم صبياننا ، وارملت بهم نسواننا ، وقتلت بهم رجالنا. والمعتصم يسمع ذلك كله. قال : ثم دخل داره فلم ير راكبا الى السنة القابلة في مثل ذلك اليوم. فلما كان في العام المقبل في مثل ذلك اليوم خرج فصلى بالناس العيد ، ثم لم يرجع الى منزله ببغداد ، ولكنه صرف وجه دابته الى ناحية القاطول ، وخرج من بغداد ولم يرجع اليها» (٢).
وما ذكره ابن الأثير لا يخرج عما ذكره الطبري (٣). ويقول المسعودي : «وكانت الاتراك تؤذي العوام فى مدينة السلام بجريها الخيول في الأسواق وما ينال الضعفاء والصبيان من ذلك ، فكان اهل بغداد ربما ثاروا ببعضهم فقتلوه عند صدمه لامرأة او شيخ كبير او صبي
__________________
(٢) كذا في الاصل ، والصحيح الخرسي ـ دليل خارطة بغداد المفصل / ١٢٢ ، وبغداد في عهد الخلافة العباسية / ١٩٠.
(٣) الطبري ٩ / ١٨.
(٤) الكامل ٦ / ٤٥٢.