الاربع الاخيرة من حكمه لمقارعة البيزنطيين. حتى انه ادركته الوفاة وهو يجاهد في بلاد الروم.
ولا ريب في ان الجهود التي بذلها المأمون في القضايا آنفة الذكر استنفدت منه وقتا وجهدا كبيرين ، مما اضعف من امكانياته في القضاء على الاخطار الداخلية التي أشرنا اليها رغم اهتمامه بأمرها. وقد تمثل هذا الاهتمام بتأكيده في وصيته على أخيه أبي اسحاق ان يتفرغ لها ويبذل كل جهوده للقضاء عليها. ولذا كان من أولى واجبات المعتصم بالله الا يألو جهدا في مقاومة تلك الاخطار والقضاء عليها. اذ لم يكد ينتهي من أمر المبايعة حتى انصرف الى العمل بجد وحزم لمجابهة تلك الاضطرابات التي كانت قائمة والتي قامت بعد ذلك في عهده. وسنحاول فيما يأتي ان نتبين جهوده في القضاء عليها.
وبالنظر لأهمية الفتنة الخرمية التي كانت تهدد بالقضاء على الخلافة والدولة العربية ، فسنتكلم عنها بشيء من التفصيل.
الحركة الخرمية :
يرى ياقوت الحموي ان الحركة الخرمية عرفت بهذا الاسم نسبة الى بابك الخرمي. وخرم (بظم أوله وتشديد ثانية مع الفتح) رستاق باردبيل. كما يقول : وقيل ان الخرمية تعبير فارسي معناه الذين يتبعون الشهوات ويستبيحونها (١). وجاء في كتاب السيادة العربية ان اسمها مشتق من خرم وهي مدينة ببلاد ميديا ، أو من كلمة خرم الفارسية ومعناها لذيذ (٢). ويرى المسعودي ان الخرمية هي الطائفة التي تدعى بالمسلمية القائلين بامامة ابي مسلم الخراساني ، وقد تنازعوا بعد وفاته ، فمنهم من رأى انه لم يمت ولن يموت حتى يظهر فيملأ الدنيا عدلا ، وفرقة قطعت بموته وقالت
__________________
(١) معجم البلدان ، ٢ / ٣٦٢.
(٢) السيادة العربية / ٩٩ ـ ١٠٠.