الزمان يحيى بن زكريّاء عليهما السلم فنصب رأسه على باب هذا المسجد المسمّى باب جيرون ثمّ تغلّبت عليه (١) النصارى فصارت فى أيديهم بيعة لهم يعظّمون فيها دينهم حتّى جاء الإسلام فصار المكان للمسلمين واتّخذوه مسجدا وعلى باب جيرون نصب رأس الحسين بن علىّ بالموضع الذي نصب فيه رأس يحيى بن زكريّاء عليهم أجمعين السلم ، فلمّا كان فى أيّام الوليد بن عبد الملك عمره فجعل أرضه رخاما مفروشا وجعل وجه جدرانه رخاما مجزّعا وأساطينه رخاما موشّى ومعاقد رؤوس أساطينه ذهبا ومحرابه مذهّب الجملة مرصّعا بالجواهر ، ودور السقف كلّه ذهب مكتّب (٢) كما يطوّق (٣) ترابيع جدار المسجد ويقال إنّه أنفق فيه وحده خراج الشأم سنين ، (٤) وسطحه رصاص فإذا أرادوا غسله بثقوا الماء (٥) اليه فدار على رقعة المسجد بأجمعه حتّى إذا فجر منه انبسط عنه وعن جميع الأركان بالسويّة وكان خراج الشأم على عهد بنى مروان ألف ألف دينار وفوق ثمان مائة (٦) ألف دينار ، ومن حدّ دمشق بعلبك وهى مدينة على جبل وعامّة أبنيتها من حجارة وبها قصور من حجارة قد بنيت على أساطين شاهقة وليس بأرض الشأم أبنية حجارة أعجب ولا أكبر (٧) منها ، وهى مدينة كثيرة الخير والغلّات والفواكه الجيّدة بيّنة الخصب والرخص وهى قريبة من مدينة بيروت التى على ساحل بحر الروم وهى فرضتها وساحلها وبها يرابط أهل دمشق وسائر جندها وينفرون اليهم عند [٥٢ ب] استنفارهم وليسوا كأهل دمشق فى جساء الأخلاق وغلظ الطباع وفيهم من إذا دعى الى الخير أجاب وأصغى وإذا أيقظه الداعى أناب ، ولنفس دمشق خاصّيّة بطالعها المحيل بطاعتها الى الخلاف وسمعت عبد الله بن محمّد القلم (٨) يقول فى برج الأسد
__________________
(٢) (عليه) ـ (عليها) ، (٧) (مكتّب) ـ (مكتب) وفى حب (مكتبا) ، (٨) (يطوّق) ـ (يطوق)،
(٩) (سنين) ـ حط (سنتين) ، (١٠) (بثقوا الماء) ـ (بثق الماء) ، (١٢) (وفوق ثمان مائة) ـ حط (ومائتى) ، (١٥) (أكبر) ـ (أكثر) ، (٢١) (القلم) يوجد فى حب (القيم) ويفقد فى حط ،