مائها ووجه الأرض نحو ستّين ذراعا وزائد وناقص ولم يك بها كثير شجر ولا بساتين إلّا التافه القليل اليسير فلمّا تملّك (١) بنو حمدان ورجالهم غرسوا فيها الأشجار وكثرت الكروم وغزرت الفواكه وغرست النخيل والخضر ، وبها مسكن سلطان الجزيرة ودواوينها ومجتبى أموالها وارتفاعها ولها أقاليم (٢) ورساتيق ومدن كثيرة مضافة اليها وارتفاع وجبايات زادت على ما كانت عليه فى سالف الزمان لأنّ اللعين لا رحمهالله أخذ ممّن كان فى جملته وخدمه أملاكهم (٣) واشترى الكثير منها بالقليل التافه من أعشار أثمانها واستملك رباعها واحتوى على خارجها وداخلها واستعمل فيهم من الحال ما أثره من سيرته فى بلد نصيبين فزاد قائمة وتناهى كثرة وإسرافا وذلك أنّ للموصل أضعاف أعمال نصيبين فى فسحة الأعمال وكثرة الضياع وعظم المحلّ وغزر السكّان وأهل الأسواق إذ كانت أسواقها واسعة وأحوالها فى الشرف (٤) والفخم ظاهرة ، وهى مدينة أبنيتها بالجصّ والحجارة كبيرة غنّاء وأهلها عرب ولهم بها خطط وأكثرهم ناقلة الكوفة والبصرة وكانت من عظم الشأن بصورة أكابر البلدان وكان بها لكلّ جنس من الأسواق الاثنان والأربعة والثلاثة ممّا يكون فى السوق المائة حانوت وزائد وبها من الفنادق والمحالّ والحمّامات والرحاب والساحات والعمارات ما دعت اليها سكّان البلاد النائية فقطنوها وجذبتهم اليها برخصها وميرها وصلاح أسعارها فسكنوها ، وهى فرضة لاذربيجان وارمينيه والعراق والشأم ولها بواد وأحياء كثيرة تصيّف فى مصائفها وتشتو فى مشاتيها من أحياء العرب وقبائل ربيعة ومضر واليمن وأحياء الأكراد كالهذبانيّة (٥) والحميديّة واللاريّة (٦) وكانت بها بيوت فاخرة وقوم أهل مروءة ظاهرة لهم من التناية
__________________
(٢) (تملّك) ـ (تملا) ، (٤) (أقاليم) تابعا لحط وفى الأصل (اقليم) ، (٧) (٦ ـ ٧) (لأنّ ... أملاكهم) مكان ذلك فى حط (وذلك أنّ ابن حمدان المذكور اغتصبهم أيضا ضياعهم الخراجيّة) ، (١٢) (الشرف) ـ (السرف) ، (٢٠) (كالهذبانيّة) ـ حط (كالهكّاريّة) ، (٢١) (واللاريّة) ـ (والاريه) وفى حط (واللاويّة) تابعا لحو وفى حل (والاوّيّة) وغيّره ناشر حط فى ص. ٢٦٥ الى (والاويّة) ،