وقت وينقصون لوقت ورباطهم على برغواطه قبيل من قبائل البربر على البحر المحيط متّصلين بهذه الجهة التى سقت عمارة بلد الإسلام اليها يغزون ويسبون ، وذلك أنّ رجلا كان يعرف بصالح بن عبد الله دخل العراق ودرس شيئا من النجوم وصلحت منزلته (١) فى علمها الى أن قوّم الكواكب وعمل التقاويم والمواليد وأصاب فى أكثر أحكامه وكان له خطّ حسن وفهم بأطراف من العلم وعاد فنزل بينهم وكان بربرىّ الأصل مغربىّ المولد مضطلعا بلغة البربر يفهم غير لسان من ألسنتهم فدعاهم الى الإيمان به وذكر أنّه نبىّ ورسول مبعوث اليهم بلغتهم واحتجّ بقول الله تعالى وما أرسلنا من رسول إلّا بلسان قومه (٢) وأنّ محمّدا صلّى الله عليه نبىّ حقّ عربىّ اللسان مبعوث الى قومه والى العرب خاصّة وأنّه صادق فيما أتى به من القرآن والأحكام وإيّاه أراد الله عزوجل بقوله وصالح المؤمنين والملئكة بعد ذلك ظهير (٣) ووعدهم غير كسوف فوجدوه وأنذرهم غير شىء فأدركوه وأصابوه على حكايته فأفسد عقولهم وبدّل معارفهم وافترض عليهم طاعته فى سنن ابتدعها وأحوال فرضها واخترعها وأوجب عليهم صوم شعبان وإفطار شهر رمضان وعمل لهم كلاما رتّله بلغتهم وشرع فيه محابّه (٤) على نحلتهم فهم يتدارسونه ويعظّمونه ويصلّون به وهلك فخلفه وصىّ كان له أقامه يكنى أبا العفير فزاد فيما رسمه أشياء ذكر أنّ له فيها الزيادة والنقصان والحلّ والعقد فيما قدّمه صالح لهم من الأحوال فدعاهم الى النسك وترك الدنيا والإقبال على التقلّل والزهد وتناهى (٥) هو وخاصّته فى ذلك الى أن حفظ عليه صبره عن الغذاء خمسا من الدهر وسبعا وتسعا (٦) وهو فى جميع ذلك يذكر أنّه يوحى اليه وأنّ الملائكة تأتيه بما يأمرهم به وينهاهم
__________________
(٤) (منزلته) ـ (منزله) ، (٩) (٨ ـ ٩) (وما أرسلنا ... قومه) سورة ابراهيم (١٤) الآية ٤ ، (١٢) (١١ ـ ١٢) (وصالح ... ظهير) سورة التحريم (٦٦) الآية ٤ ، (وصالح) ـ (صالح) ، (١٥) (محابّه) ـ (محابه) ، (١٩) (وتناهى) ـ (وتناها) ، (٢٠) (خمسا ... وتسعا) يوجد مكان ذلك فى حط (خمس ليال وسبعا وتسعا) ،