والغلّات والمطاعم والمشارب والتجارات والمرافق والخانات فزائد على سائر ما قرب منها وبعد فى أرض الهبط موقعه وظاهر بكثرته حدّه وموضعه ومستفاض بوفوره مكانه ومرفقه ،
(٤٣) ومنها الى سجلماسه ثلث عشرة مرحلة وسجلماسه مدينة حسنة الموضع جليلة الأهل فاخرة العمل على نهر يزيد فى الصيف كزيادة النيل فى وقت كون الشمس فى الجوزاء والسرطان والأسد فيزرع بمائه حسب زروع مصر فى الفلاحة وربّما زرعوا سنة عن بذر وحصدوا ما راع من زرعه وتواترت السنون بالمياه فكلّما أغدقت تلك الأرض سنة فى عقب (١) أخرى حصدوه الى سبع سنين بسنبل لا يشبه سنبل الحنطة ولا الشعير بحبّ صلب المكسر لذيذ المطعم وخلقه ما بين القمح والشعير ولها نخيل وبساتين حسنة وأجنّة ولهم رطب أخضر من السلق فى غاية الحلاوة وأهلها قوم سراة مياسير يباينون أهل المغرب فى المنظر والمخبر مع علم وستر وصيانة وجمال واستعمال للمروؤة وسماحة ورجاحة وأبنيتها كأبنية الكوفة الى أبواب رفيعة على قصورها مشيّدة عالية ،
(٤٤) وعن يسار طريق فاس الى سجلماسه إقليم اغمات وهو رستاق عظيم فيه مدينة كثيرة الخير والتجارة الى سجلماسه وغيرها ، ومن سجلماسه الى اغمات نحو ثمانى مراحل ومثلها الى فاس ، ومن ورائها الى ناحية البحر المحيط السوس الأقصى وليس بالمغرب كلّه بلد أجمع ولا ناحية أوفر وأغزر وأكثر خيرا منها قد جمعت فنون المآكل كلّها ذات الصرود والجروم فيها الأترجّ والجوز واللوز والنخل وقصب السكّر والسمسم والقنّب وسائر البقول التى لا تكاد تجتمع بغيرها وأهل السوس فرقتان مختلفتان مالكيون أهل سنّة وموسويّون شيعة يقطعون على موسى بن جعفر من أصحاب علىّ بن ورصند والغالب على الجميع الجفاء والغلظة فى العشرة وقلّة رقّة الطبع والمالكيّون من فظاظ الحشويّة وبينهم القتال المتّصل والدماء الدائمة ولهم بالبلد مسجد جامع تصلّى فيه الفرقتان [فرادى](٢) عشره
__________________
(٨) (عقب) ـ (عقت) ، (٢٥) [فرادى] مأخوذ من حط ،