الفاتح شخصا من خدام الكعبة لذلك ، لكونه في أشدّ (١) مرض يمنعه من الحركة التامة ، فدخل ذلك الخادم ومعه جماعة ، وأخرجوا القناديل ، ووضعوها في مخزن بيت فاتح الكعبة ، وختم المخزن الشريف مسعود وقاضي مكة وشيخ الحرم ، ثم انصرف الناس إلى دورهم.
فلما كان يوم الجمعة حادي وعشرين الشهر المذكور ، وصل الشريف إلى المسجد (٢) ، ومعه الأشراف والأعيان بعد النداء العام بتعاطي هذه الخدمة ، وشرعوا في إزالة الطين الذي (٣) في المطاف ، فشمّر الشريف عن أكمامه ، وأخذ مكتلا وحمل فيه شيئا من الطين ، وفعل الناس كذلك ، فما كان بأسرع من تنظيف المطاف وما حوله ، فباشر الخطيب الجمعة وأقام شعارها ، ثم شرعوا في رفع الحجارة التي سقطت من البيت الشريف ، فمنها ما جعلوه خلف مقام الحنفية ، ومنها ما جعلوه عند ممشى باب السلام بالقرب من المنبر.
ثم إن الشريف جهز قاصدا من مكة ومعه شخص من جماعته ، لتعريف وزير مصر بهذا الخبر ، ليعرضه على سلطان الروم (٤) إذ ذاك ، وهو السلطان مراد بن أحمد خان ، وكتب بذلك محضرا من
__________________
(١) في طبعة الدارة : أشر ، وهو خطأ نبه إليه المحقق في الهامش مع أنه خطأ طباعي وليس في المخطوطة التي طبع عليها الكتاب.
(٢) في النسخة المخرومة ص ١٥ ، وطبعة الدارة ، ج ٢ ص ٣١٣ ، إضافة كلمة : الحرام.
(٣) في النسخة المخرومة ، ص ١٥ : الكائن ؛ وفي طبعة الدارة ، ج ٢ ص ٣١٣ : الحائر.
(٤) في طبعة الدارة ، ج ٢ ص ٣١٣ : الترك.