ويكتسب تاريخ ابن بشر أهميته لأن مؤلفه استطاع بنظره الثاقب ، واطلاعه الواسع ، وعلمه الغزير ، أن يكون أكثر المؤرخين النجديين شمولية في رصد الأحداث التي سبقت قيام الدولة السعودية الأولى ، وظهور الدعوة الإصلاحية. ومع ما يوحي به العنوان من انفراد الكتاب بتاريخ إقليم واحد ، إلا أن الناظر في أحداث هذا التاريخ يجده يشمل الجزيرة العربية بغالب أقاليمها ، ولم يفرده صاحبه ، كغيره من التواريخ ، على تاريخ إقليم بعينه ؛ ف «تاريخ ابن يوسف» ، على سبيل المثال ، يعد من تواريخ الوشم وأشيقر على وجه الخصوص ، و «تاريخ المنقور» ، و «تاريخ ابن ربيعة» يعدان في مجملهما ، باستثناء بعض الأحداث القليلة ، تاريخين لمنطقة شمال العارض وسدير. ويبدو أن المؤلف قصر العنوان على مسمى نجد باعتبار أنه معنيّ برصد الأحداث التاريخية ذات الصلة بتاريخ نجد وأئمتها ، ويأتي ذكر الأقاليم الأخرى بحسب نفوذ الدولة السعودية إليها ومدى صلة أئمتها بأمراء تلك الأقاليم.
ولما كان من سبقوني إلى تحقيق التواريخ النجدية قد أسهموا بما لا زيادة عليه في وضع تصور عن أحوال التأريخ والمؤرخين ، وعن المجالات المطروقة ، التي اعتاد أولئك المؤرخون غشيانها ، فقد أعرضت عن القول في هذا خشية الإطالة والتكرار. مثال ذلك ، الدراسة الجامعة ، التي أنجزها عويضة بن متيريك الجهني في مقدمة تحقيقه «تاريخ ابن يوسف» ، وقسمها إلى ثلاثة مباحث ، تناول في أولها أوضاع نجد بين القرنين التاسع والثاني عشر الهجريين ، والتفت في ثانيها إلى أوضاع بلدة أشيقر العمرانية والعلمية
__________________
تاريخ الفاخري ، عن طريق الأمانة العامة للاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية ، سنة ١٤١٩ ه.