في المجال الدلالي فرأى : أن الأهمية المميزة للدلالة ، إنها لدى تطبيقها على حقل ما لا يتوقف عند حد تفكيك بنيته ، ولكنها عندما تنجح في هذه المهمة ، وتكشف مدلوله ، تتغير علاقته بالوعي ، يصبح خطاباً آخر بمستويات من الدلالة ذات أنساق متناظرة ، تضفي على منظر الخطاب عمقاً استراتيجياً جديداً.
لذلك فإن الباحثيين في نظرية الدلالة ، محتاجون دائماً إلى ممارسة نظرياتهم عبر الخطابات والنصوص التي يطبقون عليها مناهجهم الدلالية لأن هذا التطبيق ذاته لا يبرهن على نجوع المنهج فحسب وإنما يطوّره ، يعطي الخطاب من ذاته ، ويأخذ منه الحس الحي بعمقه العضوي الجديد.
إن خصب الدلالة حقق شكلية التداخل المنهجي بين العلوم الإنسانية وجعلها تعكس ظلالها بعضها على بعض ، حولها إلى مرايا لبعضها ، وغني عن البيان أن تقدم العلوم الإنسانية لا يزال مرتبطاً إلى ما لا نهاية بالكشوف المنهجية ، وأهم هذه الكشوف التي ساهمت في نهضتها هي المناهج المساعدة على استنباط أجهزة الإنتاج المعرفية لموضوع البحث وللخطاب العلمي المفسر للموضوع في وقت واحد (١).
ومع اتساع هذا العرض في الاستدلال ، فقد يراد بهذا التعبير مشاركة الدلالة في إرساء مناهج المعرفة الإنسانية ضمن تعدد خصائصها الفنية ، وبرامجها في التنقل بين حقول الحضارة المختلفة تراثية وحداثة في آن واحد.
والذي يهمنا من هذا المنظور هو المنهج النقدي الذي يرتبط بالدلالة تكوناً جمالياً.
ويقول الدكتور عناد غروان ـ وهو يتحدث عن طبيعة هذا المنهج في وجهاته الجمالية المتنوعة ـ :
« فقد يكون المنهج شكلياً يهتم بالبنية الشكلية ـ العضوية والتجريدية ـ للتجربة الأدبية أو قد يكون تحليلياً قائماً على تحليل عناصر التركيب الأدبي
________________
(١) ظ : مطاع صفدي ، نظرية الدلالة وتطبيقاتها ، الفكر العربي المعاصر : آذار ١٩٨٢.