على معنىٰ ، وذلك عنده شيء واحد متقارب في استنتاج الدلالة الخاصة بكل شكل ذي حروف مؤلفة. وفي هذا الصدد يقول : « زعم قوم أن الكلام ما سمع وفهم ، وذلك قولنا قام زيدٌ وذهب عمرو ، وقال قوم : الكلام حروف مؤلفة دالة على معنى والقولان عندنا متقاربان لأن المسموع المفهوم لا يكاد يكون إلا بحروف مؤلفة تدل على معنى » (١).
وقد يطول بنا الحديث لو أردنا استقراء نظرية ابن فارس في هذا المدرك الدلالي ، ومفهوم الدلالة عنده ، وما تقدم استعراض للمهم من توجهه الدلالي ، أما نظريته في جزء منها فقد لخصها مشكوراً بعض الدارسين العرب (٢).
٥ ـ والشريف الرضي ( ت : ٤٠٦ ه ) وهو الناقد الخبير والبلاغي المتنور الذي جمع رهافة الحس ودقة الملاحظة ، فقد جاء نقده تطبيقاً لموارد النقد ، وتحقيقه البلاغي تنظيراً لمظاهر البلاغة ، وهو تشخيصي النقد ، تطبيقي البلاغة ، و « تلخيص البيان » من أهم كتبه الريادية (٣) وأعطف عليه « المجازات النبوية » (٤) فهما الميدان الدلالي لهذا المنحىٰ المتطور.
أما تعقيبه النقدي أو البلاغي أو اللغوي على مختاراته من كلام ورسائل وخطب ووصايا وحكم أمير المؤمنين الإمام علي عليهالسلام المسمى « نهج البلاغة » (٥) فيعد ـ بحق ـ من أبرز مصاديق النقد البلاغي التحليلي القائم على أساس استعمال العرب البياني في أمثلة ونماذج حيّة ارتفعت بالشريف الرضي إلى مستوىٰ أساطين هذا الفن كما أوضحنا ذلك
________________
(١) ابن فارس ، الصاحبي في فقه اللغة.
(٢) ظ : د. صبحي البستاني ، مفهوم الدلالة عند ابن فارس في كتابه الصاحبي ، بحث : الفكر العربي المعاصر آذار ١٩٨٢ م.
(٣) حققه في طبعة منقحة الأستاذ الدكتور محمد عبد الغني حسن ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ، ١٩٥٥ م.
(٤) علق عليه وطبعه الأستاذ محمود مصطفى مدرس الآداب بكلية اللغة العربية بالأزهر ، مطبعة مصطفى البابي ، القاهرة ، ١٩٣٧.
(٥) شرحه عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد ( ت : ٦٥٦ ه ) وحققه في عشرين مجلداً الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ، ١٩٥٩ م.