والهندسة والاستنباطات الفلسفية والأحكام الفلكية (١)) وقال القفطي في «أنباه الرواة» : (الأديب النحوي الطبيب المنجم الأخباري اللغوي ، نادرة زمانه وفاضل أوانه ، الكبير القدر الرفيع الذكر صاحب الكتب الجليلة والمؤلفات الجميلة ، لو قال قائل : انه لم يخرج اليمن مثله لم يزلّ. لأن المنجم من أهلها لا خطر له في الطب ، والطبيب لا يد له من الفقه ، والفقيه لا يد له من علم العربية وأيام العرب وأنسابها وأشعارها ، وهو قد جمع هذه الأنواع). هذا بعض ما قالوا ، فلنحاول التثبت من صحة ما قالوا.
الهمداني الجغرافي : لعل أهم أثر للهمداني في علم الجغرافية كتابه «صفة جزيرة العرب» فبه اعتبر (من فحول الجغرافيين الذين تضلعوا من هذا العلم ، ونقبوا في غرائبه ونوادره) كما يقول الأستاذ سليمان الندوي (٢). وهذا القول ينطبق على ما يتعلق باليمن ـ بلد الهمداني ، فهو يكتب ما يكتب عن رؤية ومعرفة وأما الأجزاء البعيدة عن اليمن فعن نقل ، ولهذا وقع فيما وقع فيه غيره.
الهمداني النسابة : كل من يطالع ما كتب الهمداني عن أنساب القبائل اليمنية في «الاكليل» و «صفة الجزيرة» يدرك أنه في هذا العلم بلغ شأوا لم يبلغه غيره ممن كتب عن أنساب تلك القبائل ، فهو كما وصفه الحافظ عبد الغني بن سعيد (٣) : (عليه المعول في أنساب الحميريين). ولشهرة الهمداني بعلم النسب كان يوصف بالنسّابة كما نرى فيما وصل الينا من كتاب مسلم اللحجي المتوفى سنة ٥٤٥ وهو ممن ترجمه كما يفهم من الجزء الرابع من كتابه (٤) فقد نص على أن ترجمته في الجزء الأول منه ، والأجزاء الثلاثة التي وصلت الينا من «الاكليل» وهي الأول والثاني والعاشر أو في ما عرفناه عن أنساب القبائل اليمنية ، ولولاهما لفقدنا جانبا عظيما من هذا العلم.
الهمداني الأثري : للهمداني أهمية عظيمة عند علماء اللغات والمنقبين عن الآثار القديمة لذكره في كتبه الكتابات العتيقة بالخط المسند الحميري ونقوش الأحجار ،
__________________
(١) «الدر الكمين بذيل العقد الثمين» لابن فهد ـ مخطوطة رامبوز الهند الورقة ١٠٢ ـ عن الكلاعي ، والكلاعي ترجمه القفطي في «المحمدون من الشعراء» وانظر طراز أعلام الزمن للخزرجي.
(٢) مجلة «الضياء» التي كانت تصدر في لكنو ، الهند ، ج ٧ الصادر في رجب سنة ١٣٥١ ه ـ ص ٦.
(٣) «تاج العروس» مادة ـ ق ر أ.
(٤) مخطوطة باريس. تبين لنا أخيرا أن الكتاب المعنون باسم تاريخ مسلم اللحجي لمكتبة باريس أنه روضة الحجوري وليس لمسلم.