ورمز لهما بحر في (ل) و (ب) وإلى مخطوطة من أرجوزة الرداعي في (دار الكتب المصرية) (١) وهي التي تذكر في الحواشي باسم (الأرجوزة) وهي رديئة الخط كثيرة التحريف أيضا وليس من المبالغة وصف عمل الأستاذ المحقق بأنه خير ما بذل أو ما يمكن بذله حيال هذا الكتاب التي نخر داء التصحيف جسمه قرابة ألف عام.
ولما عهد اليّ بالإشراف على الطبع رأيت السير في النهج الذي سلكه المحقق الجليل لا يتسنى لغيره ، وحاولت أن أوضّح من أسماء المواضع النائية عن اليمن ما قد يكون من خطأ الناسخ ، أو هفوة المؤلف ، أو أضيف الى التعريف بالموضع أو وصفه على ما هو عليه الآن ، ما قد يحتاج اليه القارىء ، غير أنني رأيت هذا العمل يضاعف حجم الكتاب ، بل يخرج عن النهج المألوف في التحقيق الى عمل هو بالشرح ألصق ، فالهمداني ـ رحمهالله ـ في كل ما هو خارج عن اليمن ما هو سوى ناقل ، ولهذا فجميع ما أورده من هذا القبيل في حاجة الى تأمّل وتثبّت. وما في الكتاب عن اليمن ، بل كل ما فيه عن الجزيرة ، عن سراتها وسكانها ونباتها ولغات أهلها ، وغير ذلك من المعلومات العامة تعتبر ـ باعتراف العلماء ـ من خير ما أثر عن المتقدمين ، ويعبّر بوضوح عن غزارة علم الهمداني ، وإبداعه ، وتقدمه في كل ضروب العلم وجوانب المعرفة.
لهذا انحصر عملي في إضافة كلمات موجزة الى ما كتبه الأستاذ المحقق ، وفي مقابلة الأصل الذي نسخه وعلق عليه بمخطوطة لديّ من الكتاب وهي ليست بأقل من غيرها سوءا وتصحيفا ، وعهدها لا يتجاوز ما قبل القرن العاشر ، مع نقصها ، ورمزت لها بحرف (ح).
ولقد قام أستاذنا محمد بن علي ـ زاده الله قوة وتوفيقا ـ بمهمة التحقيق فكفى ووفى. ومن يدري فقد يسعد الحظ بالعثور على أصل كامل لهذا الكتاب ، فمحققه الأول يرى ما وصل الينا جزءا من كتاب لا كتابا كاملا ، وشايعه على هذا الرأي الأمير شكيب أرسلان (٢) ـ رحمهالله ـ اعتمادا على خلوّه من المقدمة.
حمد الجاسر
بيروت ٤ / ٥ / ١٣٩٤ ه (٢٥ / ٦ / ١٩٧٤ م).
__________________
(١) من مخطوطات التيمورية.
(٢) «الاكليل» ٨ / ٢٢٤ ط : الكرملي.