جرهم ترتضى (١) لذلك رجلا يكون عليه يحرسه ، فبينا رجل ممن ارتضوا به عندها إذ سولت له نفسه فنظر حتى إذا انتصف النهار وقامت الظلال وقامت المجالس وانقطعت الطرق ، ومكة إذ ذاك شديدة الحر ، بسط رداءه ثم نزل فى البئر فأخرج ما فيها فجعله فى ثوبه ، فأرسل الله حجرا من البئر فحبسه حتى راح الناس فوجدوه ، فأخرجوه وأعادوا ما وجدوا فى ثوبه فى البئر فسميت تلك البئر الأخسف [فلما أن خسف] بالجرهمى وحبسه الله عزوجل ، بعث الله تعالى عند ذلك ثعبانا فأسكنه فى ذلك الجب فى بطن الكعبة أكثر من خمسمائة سنة يحرس ما فيه فلا يدخله أحد إلا رفع رأسه وفتح فاه ، فلا يراه أحد إلا ذعر منه ، وكان ربما يشرف على جدار الكعبة ، فأقام على ذلك فى زمن جرهم وزمن خزاعة وصدرا من عصر قريش ، حتى اجتمعت قريش فى الجاهلية على هدم البيت وعمارته ، فحال بينهم وبين هدمه حتى دعت قريش عند المقام عليه والنبى صلىاللهعليهوسلم معهم [وهو] يومئذ غلام لم ينزل عليه الوحى بعد ، فجاء عقاب فاختطفه ثم طار به نحو أجياد الصغير (٢).
عن عمرة بن عبيد عن الحسن أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : لقد هممت أن لا أدع فى الكعبة صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها ، فقال له أبىّ بن كعب : والله ما ذلك لك ، فقال عمر : لم؟ فقال إن الله عزوجل قد بين موضع كل مال وأقره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال عمر : صدقت (٣).
عن الواقدى قال : وذكروا أن النبى صلىاللهعليهوسلم وجد فى الجب الذى كان فى الكعبة سبعين ألف أوقية من ذهب مما كان يهدى إلى البيت ، وأن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه قال : يا رسول الله ، لو استعنت بهذا المال على حربك فلم يحركه ، ثم ذكر لأبى بكر فلم يحركه(٤).
__________________
(١) تحرف فى الأصل والمطبوع إلى : «ترتفى» وصوابه لدى الأزرقى.
(٢) أخبار مكة للأزرقى ١ / ٢٤٤ وما بين حاصرتين منه.
(٣) أخبار مكة للأزرقى ١ / ٢٤٥.
(٤) أخبار مكة للأزرقى ١ / ٢٤٦.