المجال المعماري ، حيث برز أسلوب إسلامي أدمج التأثيرات الخارجية وتجاوزها في القدس كما في دمشق والمدينة. وإفريقية إنّما هي جزء من دار الإسلام فتحت بأخرة وينطبق عليها قرار عام وخيار حضاري وإمبراطوري ، أي تعريب النقود بدءا من ٧٥ ه في المركز وتعريب الدواوين بدءا من ٨٠ ه. وبالتالي ، فالمسألة هنا مسألة زمنية ومسألة إمكانيات تقنية. فكان لا بدّ من تركيز هيكل إداري وأكثر من ذلك وشيئا فشيئا كان يجب على العرب والموالي المتعرّبين أن يكتسبوا القدرات الفنية التي كانت بأيدي الرّوم والأفارق وأن يتمّ تكوينهم وتثاقفهم.
وليس من شك في أنّ الأسلمة والتعريب كانا متماشيين يدا بيد ، فالموالي كانوا بالضرورة مسلمين وإلّا فلا ولاء ، وكان من الطبيعي أن يتّبع تطور الإدارة نبضات الجسم الاجتماعي ذاته. على أنّ لا نشك في وجود عناصر من الروم والأفارق حتّى ضمن عملية التّعريب حذقوا العربية ولم يدخلوا في الإسلام ، لكنّها عناصر مرتبتها دونية تعمل تحت إمرة العرب. فمسألة تعريب الإدارة تعني قبل كل شيء اكتساب الرّقابة على دواليب حسّاسة في سياسة البشر ، وبالتالي الإمعان في الإمساك بزمام الأمور في مستوى الإمبراطورية كما في مستوى الولاية. ومن الأرجح أنّ هذه العملية في إفريقية شجّعها وال مثل إسماعيل بن أبي المهاجر ، هذا الوالي الذي تفخّم المصادر من شأنه ، لكنّها ابتدأت قبل ذلك وانتهت بعده في ١٠٢ ه كما ذكرنا. فالمسألة مسألة سياسة عامّة ، وكانت العملية بطيئة إلى حدّ ما ، بالخصوص على مستوى المقاطعات الجهوية ولم تتمّ حسب رأيي قبل ١١٠ ه.
ماذا كانت علاقة هذه الإدارة بالإدارة المركزية ، في دمشق أولا ثم في بغداد؟ فهي إنّما إدارة محلّية ، ولذا يمكن التساؤل عمّا إذا كانت هناك صلات بالمصالح المركزية أم أنّ الإدارة كانت تخضع لسلطة الوالي فحسب ، علما بأنه مرتبط بالخليفة وإدارته. هنا ، يجب أن نتوقّف هنيهة.
فالبيروقراطية الأموية ليست كالبيروقراطية العبّاسية ، فالأولى كانت بسيطة