الحالية. لكنّ الجباية العامّة المرسلة إلى بغداد ، جباية الولاية الكبرى ، يقع تجميعها وإرسالها في القيروان وتحت مسؤولية الأمير الأعلى. هنا تتمركز السلطة جليّا. أمّا بخصوص الحجج على هذا التّحليل المقدّم ، فلنا وزن من البلّوز من الزّاب مؤرّخ في ١٢٧ ه ، وهو قديم إذن ، ترد فيه لفظة" والي" أي والي الزّاب بهذه التسمية الرسمية (١) ، ولنا شواهد من زمن الإمام عبد الوهاب الرستمي عن تسمية السمح بن أبي الخطاب" كوال" على طرابلس وتحته عدد من العمّال على الكور ، ولا بدّ أنّ عبد الوهاب اتّبع إجراءات قديمة.
ولنلخّص قولنا : ولاة المقاطعات الكبرى تطغى على مسؤولياتهم الصفة العسكرية ، لكن في إفريقية بالذّات برز قوّاد للجيش مهنيون يعملون تحت إمرة الوالي وقد يثورون عليه حسب الظروف. إنّما لم تغطّ الوظيفة العسكرية لدى الولاة ولم تلغ أبدا الوظيفة الجبائية والإدارية المفوّضة تحت رقابتهم لعمّال الكور. لكنّ هؤلاء كانوا أيضا ، إمّا في بعض الأحيان وإمّا على الدّوام ، متقمّصين في دائرتهم للسلطة العامة خصوصا في المدن ـ الثغور حيث يوجد حضور عسكري. أمّا كيف يقع اللّجوء للقوّة العامّة وهل كانوا يقودونها ، فلا نعلم عن ذلك شيئا بالذّات.
فالكورة كانت قبل كل حساب تقسيما جبائيا وهكذا كانت تعتبر في مصر وغيرها من الولايات ، كما أنّ العامل كان يسمّى في أوراق البردي (٢) والي
__________________
(١) اليعقوبي ، البلدان ، ص ١٠٢ ؛ الشمّاخي ، كتاب السير ، ص ١٨١. لكنّ الألفاظ التي يستعملها الشّمّاخي متأخّرة وغير دقيقة بخصوص المناصب والجهات : مثلا" حوزة" طرابلس ، أو" الخراج" على الأسواق (وهي المكوس) ص ١٤٦. وهو ينعت ابن الأشعث ب" عامل الجند" ، ص ١٣٥ ، وكان أميرا وواليا. إنّ غياب الدقة في التعابير لدى الشّمّاخي لا يمنع من الاعتماد على مؤلّفه لاحتوائه على معلومات قديمة ومفيدة.
(٢) Grohmann:Probleme der arabischen Papyrus forschung» Archiv Orientalni, III, ٢, aout ١٩٨١, p. ٩٨٣>. يتحدّث عن عاملين مديرين للشؤون المالية ويعني صاحب الخراج أو ، كما يقول ، والي الخراج المزاحم لوالي الحرب أو الصلاة. لم يوجد مثل هذا المنصب بإفريقية.
وإذا كانت الكورة في الأصل تقسيما جبائيا ، فعامل الكورة له أيضا مسؤوليات عامّة وليست فقط جبائية.