الشرقيين القدامى ، أو حتى أبّهة قوّاد المعسكرات الرومانية ، لأننا لا زلنا في فترة تسودها بساطة العرب البدائية.
لقد عرفت إفريقية اثنين وعشرين واليا منهم من كانوا ولاة كبارا مثل موسى بن نصير (٨٤ ـ ٩٦) ، وحنظلة بن صفوان (١٢٤ ـ ١٢٩) ، وعبد الرحمان بن حبيب (١٢٩ ـ ١٣٧) ، وخاصّة المهلّبي يزيد بن حاتم (١٥٥ ـ ١٧٠) الذي أقام عهد سلم وإصلاح.
وفي العهد الأموي ، كان يقع اختيار الولاة عادة من بين الموالي (١) ، أي من صنف اجتماعي متدن ، وعلى العكس من ذلك ، تداول في العهد العبّاسي المهلّبيون لأكثر من ربع قرن على القيروان (١٥١ ـ ١٧٨) ، وقد كانوا من كبار الأشراف المؤثّرين. ويمكن أن تقول نفس الشيء بالنسبة إلى ابن الأشعث (١٤٤ ـ ١٤٥) ، وهرثمة بن أعين (١٧٩ ـ ١٨٠). ومهما يكن من أمر ، فقد كان لإفريقية ولمرّات متعدّدة ، ولاة من كبار أعيان الدولة من الذين سبق لهم أن مارسوا وظائف عليا في المشرق ، وهو ما يؤكّد اهتمام الخلفاء بإفريقية التي كانت تضاهي في أعينهم أحسن ولايات الإمبراطورية (٢). وفي حين أنه من النّادر أن يصل عربي من أصل إفريقي إلى رتبة وال ، إذ كان إسماعيل بن أبي المهاجر (١٠٠ ـ ١٠١) استثناء ، وإذا استطاع الفهريون السيطرة على السلطة لفترة تفوق عشر سنوات (١٢٩ ـ ١٤٠) ، وتأسيس سلالة مستقلة فعليا ، فلأنهم كانوا ـ بالتدقيق ـ مغتصبين ، استغلوا أزمة الدولة الإسلامية العامة ، وقد انتهت تجربتهم الاستقلالية بالفشل ، لذلك لا بدّ من انتظار نصف قرن آخر لتحلّق إفريقية بأجنحتها الخاصة بقيادة إبراهيم بن الأغلب (١٨٤ ه / ٨٠٠ م).
__________________
(١) البيان ، ج ١ ، ص ٢١ ، ٢٢ ، ٤٧ و ٥١.
(٢) سيّر يزيد بن أبي مسلم زمن الحجّاج ديوان الرسائل ، الجهشياري ، وزراء ، ص ٤٢ ؛ وأدار عمرو بن حفص وظائف مهمّة في المشرق ؛ البلاذري ، فتوح ، ص ٢٣٤ ؛ وأخيرا كان هرثمة واحدا من كبار أعيان بلاط بغداد وكبار قوّاده العسكريين ، وزراء ، ص ٢٠٧.