التنظيم العسكري
كان جيش إفريقية يتكوّن في الأصل من جنود مصريين أي من عرب مصر ، ثم انفتح مع حسّان وموسى على البربر الذين تجنّدت من بينهم وحدات عسكرية إضافية (١) ؛ وبمجيء العبّاسيين ، تغيّرت التركيبة العرقية للجيش كثيرا ، إذ رافق ابن الأشعث سنة ١٤٤ ه ، ٤٠ ألف رجل ، وفي سنة ١٥٥ ه ، وصل ما بين ٥٠ و ٦٠ ألف رجل مع يزيد بن حاتم (٢). وقد احتوت هذه الجموع البشرية الجديدة على نسبة مهمّة من العرب ، غير أنّ الأغلبية الساحقة منها كانت تتكوّن من الخراسانيين. لقد وقع تسريح الجيش الأموي القديم على الأرجح فاستقرّ الجنود القدامى على الأرض في الشمال والشمال الشرقي للبلاد ، في الوقت الذي تدربت خلاله الجيوش الجديدة ، الأمر الذي أدّى في نهاية فترتنا إلى تتالي التمرّدات العسكرية أكثر فأكثر.
خضع التنظيم العسكري إلى التصوّر الإسلامي الكلاسيكي ، إذ كان الجنود يتقاضون أجورهم عن طريق العطايا (٣) ، التي كانت تدفع إليهم بطريقة منتظمة تقريبا ، ويقدّر معدّلها بألف درهم بالنسبة إلى الفارس و ٥٠٠ بالنسبة إلى الراجل. وكان يشرف على توزيعها «عرفاء» (٤) في المستوى الصغير ، وقوّاد وحدات التعبئة ، الذين كان عددهم ـ على الأرجح ـ سبعة في العهد الأموي. وكان باستطاعة عمّال المقاطعات قيادة الفصائل المحليّة (٥) ، غير أن في الجملة كان للجيش قيادته الخاصة ، ورؤساء حامياته وقوّاده.
وقد كان هؤلاء يجنّدون في العهد الأموي من الأرستقراطية المحلية
__________________
(١) ابن عبد الحكم ، فتوح ، م. س ، ص ٢٧٢ ؛ البيان ، ص ٣٨ ؛ ابن الرّقيق ، تاريخ ، ص ٦٤ ؛ معالم الإيمان ، ج ١ ، ص ٦١.
(٢) ابن الأثير ، الكامل ، ص ٣٣.
(٣) فتوح ، ص ٢٨٨ ؛ ابن الرّقيق ، تاريخ ، فوليو ٢٣ وص ١١٩ بالنسبة إلى طبعة تونس ؛ البيان ، ص ٥٨ ؛ رياض ، ص ١٢٢.
(٤) ابن الرّقيق ، تاريخ ، ص ١١٩.
(٥) مثال سليمان بن زياد عامل طبرقة ، البيان ، ص ٦٨.