في حين كان الجيش يتكوّن من عرب إفريقية الأقوياء البنية ، مثل حبيب بن أبي عبدة أو عبيدة ، وابنه عبد الرحمان ، وخالد بن أبي حبيب وكان جميعهم فهريين. وفي العهد العباسي كان قوّاد الجيش محترفين يختارهم ضبّاط الوحدات الجديدة القادمين من المشرق مثل أبو العنبر ، وابن الجارود ، وتمام بن تميم وإبراهيم بن الأغلب.
استعمل جيش إفريقية خاصة في ردع الفوضى الداخلية ، ولكنه شارك أيضا في غارات على صقلية (١) وسردانيا ، وهي غزوات تهدف إلى جمع الغنيمة والأسرى ، أكثر منها عمليات عسكرية بتحديد المعنى.
لقد كانت إفريقية تتمتّع ، بفضل دار صناعة تونس بأسطول تفرض عن طريقه هيمنتها البحرية على المتوسط الغربي الذي تحوّل إلى" بحيرة إسلامية".
أمّا بالنسبة إلى الجيش في الجهات ، فإن مدينة القيروان وبحكم اعتبارها متخصّصة كحامية ومعسكر ، قد نجحت في المحافظة على دورها كأهم مركز للتجمّع على الأقل حتى اندلاع الانتفاضات الخارجية (١٢٢ ـ ١٢٣ ه) (٢).
غير أنه وبسرعة ، تأكّد دور تونس التي أصبحت تنافس القيروان لأنها غدت نقطة الانطلاق للتمرّدات العسكرية (٣). ثم في آخر فترتنا ، جلبت بلاد الزاب التي كانت تعتبر منطقة عسكرية العديد من الجنود إلى مختلف حامياتها ، مما أدّى إلى تكوين جيش بلاد الزاب ، الذي استغل الخصومات بين القيروان وتونس وفرض قائده ابن الأغلب كشخصية أولى ثم كوال.
__________________
(١) غارات دورية تترجم مطامع ثابتة ، مثل غارات بشر بن صفوان بين ١٠٣ و ١٠٧ ه ، وحبيب بن عبيدة في ١٢٣ ه : البيان ، ص ٤٩ و ٥٣.
(٢) البيان ، ص ٧٥ و ٨٧ ـ ٨٨.
(٣) فتوح ، ص ٣٠٠ ؛ البيان ، ص ٦٠ ؛ النويري في : De Slane ,Berberes ,I ,p.٤٦٣. بالنسبة إلى التمرّدات التي اندلعت في تونس : البيان ، ص ٧٤ ، ٨٦ و ٨٩ ؛ الرّقيق ، ص ١٨٦ ، ١٨٨ و ٢٠٥ ؛ ابن الأبار ، حلّة ، ج ١ ، ص ٧٦ و ٧٧.