حجابا قائما على نصف إفريقية تقريبا (إفريقية الوسطى والجنوبية).
وقد لفت عديد المؤرخين الانتباه إلى خطورة «الرجوع إلى المصادر العربية» التي يمكن أن تجعلنا نعتقد ـ بتأكيدها على المنطقة السودانية ـ أنها المنطقة التي كانت مهد الحضارة والدولة المنظّمة (١) ، وسنعود إلى هذه النقطة لاحقا. ولكن يجب أن نعترف منذ الآن ، أنه إذا ما وجد رابط بين حالة حضارة ما وواقع مصادرها ، فإن هذا الرابط لا يمكن أن يكون حكمه حكما مسبقا لحركة التاريخ الحقيقي. إن المؤرخ الموضوعي لا يمكن له أن يسمح لنفسه بالأحكام القيميّة انطلاقا من المادة الوثائقية ، ولكنه لا يمكنه أيضا أن يتغاضى عمّا توفره هذه المادة بحجّة الإفراط الممكن في الاستغلال.
إذا كان بمقدور التاريخ العام المغطّي لكامل الفترة الزمنية التاريخية ، والمعتمد على كل المادّة الوثائقية المتوفرة أن يعطي نفس الأهمية إلى حوض الزايير كما إلى حوض النّيجر أو مصر ، فإن الدراسة المحدّدة بالمصادر المكتوبة إلى حدود القرن الخامس عشر لا يمكنها ذلك.
بناء على كل الملاحظات التي قدمناها ، يمكننا القيام بهيكلة الجهات الآتية :
أ ـ مصر ، برقة والسودان النيلي.
ب ـ بلاد المغرب بما في ذلك الشريط الواقع شمال الصحراء ، والمناطق الواقعة في أقصى الغرب ومنطقة طرابلس وفزّان.
ج ـ السودان الغربي بمعناه الواسع أي إلى حدود بحيرة التشاد في اتجاه الشرق ، والذي يضم جنوب الصحراء.
د ـ أثيوبيا وأريتريا والقرن الشرقي والساحل الشرقي.
ه ـ ما تبقى من إفريقية ويعني ذلك خليج غينيا وإفريقية الوسطى وجنوب إفريقية.
__________________
(١) Hrbek ,٥٦٩١ ,t.V ,p.١١٣.