أمدتنا باستثناء هذا بتصور القدامى لإفريقية أكثر ممّا أمدّتنا بالمعطيات الحقيقية. إن طفو بعض الإشارات على السطح يهمّ الصحراء الليبية وسواحل الصحراء الغربية ، أما إفريقية السوداء الغربية فقد بقيت مهمّشة في كل هذه النصوص.
العصر الإسلامي الأوّل (حوالى ٦٢٢ ـ ١٠٥٠ م)
نتج عن الفتح العربي وقيام الخلافة توحّد المجالات السياسية والثقافية التي كانت مشتّتة قبل ذلك (الإمبراطورية السّاسانية ، والإمبراطورية البيزنطية) ، كما نتج عن ذلك أيضا توسّع الآفاق الجغرافية للإنسان ، وتحوّل تيارات التبادل ، واختراق شعوب ظلّت مجهولة إلى حد ذلك الوقت. فلا نستغرب إذن أن يكون لدينا ـ ولأول مرّة ـ معلومات أكثر دقّة عن العالم الأسود سواء كان ممتدا في الشرق أو في الغرب. ففي الوقت الذي اندمجت فيه كل من مصر وبلاد المغرب في كيان الإمبراطورية ثم في المجموعة الإسلامية ، ظل العالم الأسود مجرّد منطقة تقع في مجال النفوذ الإسلامي ، ومن ثم تكون معلوماتنا عن هذا العالم مجزأة ومفككة ، وهي في بعض الأحيان أسطورية ولكنها تبقى مع ذلك قيّمة.
وإذا ما استثنينا مصادر الأرشيف التي تواصل اعتمادها في مصر (برديات قبطية وإغريقية في أفروديت Aphrodite ، وبرديات عربية من الفيوم وأشمونين (١) ، وأخيرا وفي القرن العاشر ، برزت بعض قطع الأرشيف الفاطمية). وتعتبر مصادر الأرشيف خاصية من خاصيات البلاد المصرية ، كما تعتبر أغلبية مصادرنا الإخبارية بالمعنى الواسع أو
__________________
(١) أعمال غروهمان Grohmann هي المعتمدة : Arabic Papyri in the Egyptian Library, ٥ vol, ٤٣٩١ ـ ٩٥٩١; Ein Fuhrung und chrestomatie des Arabischen papyrus ـ Kinde, Prague, ٥٥٩١.
قد درس H.Bell البرديات الإغريقية والقبطية. وبالنسبة إلى العقود الفاطمية انظر : الشيال ، مجموعة الوثائق الفاطمية ، القاهرة ، ١٩٥٨.