غير المباشرة هي أمرا مشتركا بالنسبة إلى كل إفريقية. وهذه سمة واضحة فيما يتعلق بالكتابات الجغرافية ونراها أيضا في أغلب النصوص الفقهية ، لذا يبدو من الملائم توخّي جردا حسب أنواع المصادر مع الإشارة إلى التتابع الكرونولوجي ، دون أن تغيب عن أنظارنا البنية الجهوية.
المصادر الإخبارية
أ ـ ليس بحوزتنا أي مصدر إخباري سابق للقرن التاسع ميلادي ، غير أن تناقل الأخبار مشافهة حدث منذ القرن الثامن في مصر باعتبارها المركز دون منازع إلّا بالنسبة إلى الساحل الشرقي من إفريقية المرتبط بعلاقات تجارية مباشرة مع جنوب العراق. ومن ناحية أخرى جعلت خاصية الموقع الطرفي بالنسبة إلى مصر وبلاد المغرب وبالأحرى السودان ، أن القرن التاسع الذي تطورت فيه الأسطريوغرافيا العربية ، لم تحظ فيه هذه المناطق إلّا بمكانة ضعيفة في كتب التاريخ الكبرى (١) (الطبري ، والدينوري ، والبلاذري في أنساب الأشراف) التي ركّزت على المشرق ، باستثناء كتاب أخبار ظل مجهولا إلى عهد قريب هو تاريخ خليفة بن خياط (٢). فهذا الكتاب ليس فقط أقدم مصنّف للحوليّات العربية (توفي خليفة سنة ٢٤٠ ه) ، ولكنه حافظ على مادّة قديمة أهملها الطبري ، وخاصة إشاراته عن فتح بلاد المغرب التي تمثل أهمية كبرى.
وبينما روايات مغازي المدينة طرحت فتح مصر وبلاد المغرب جانبا ، حيث لم يرد منه سوى الأحداث البارزة وبصفة مقتضبة في كتاب فتوح
__________________
(١) على أنه من المهم الإشارة إلى أنه يوجد من الإخباريين الأوائل ، عمر بن شبّة الذي ترك لنا أقدم شهادة عربية تتعلق بالسّود ، وقد نقل الطبري هذا النص في التاريخ ، ج ٧ ، ص ٦٠٩ ـ ٦١٤. ويتعلق الأمر بثورة «السودان» في المدينة سنة ١٤٥ ه / ٧٦٢ م ، وهو ما يدل على حضور إفريقي قوي في العصر الإسلامي الأول ، ولم تقع الإشارة إلى هذا النص إلى حد الآن.
(٢) نشره العمري في النجف سنة ١٩٦٥ ، وقدّم له أحمد صالح العلي.