البلدان للبلاذري ، فإن فقيها مصريا خصّص له كتابا كاملا يعتبر الوثيقة الأكثر أهمية في القرن التاسع ، وهو كتاب فتوح مصر والمغرب (١) لابن عبد الحكم الشبيه بكتب الأخبار أو المغازي التي هي في الحقيقة مصنفات لروايات فقهية لها صلة بالتاريخ (٢).
ب ـ بعد قرن من الصّمت (٣) (٨٥٠ ـ ٩٥٠ م) ، ظهر كتاب أساسي ، لا يبدو أنه تم استغلاله في جميع الأبعاد وهو كتاب ولاة مصر وأخبارها للكندي (ت ٩٦١ م) ، وهو كتاب تراجم وليس مصدر أخبار ، غير أنه يمكن دمجه في هذا الصنف ، لا لأنه يحتوي على معطيات دقيقة ومباشرة عن مصر فحسب بل بحكم الروابط الأولى التي ربطت هذه الولاية ببلاد المغرب في القرن الثامن ميلادي (٤).
وقد كان القرن العاشر هو قرن الإسلام الإسماعيلي والإسلام الإفريقي بالدرجة الأولى ، ولذلك يجب العودة إلى الكتابات الشيعية مثل سيرة الحاجب جعفر ، وخاصة إلى افتتاح الدعوة للقاضي النّعمان ، وهو كتاب أساسي لا يتضمن الكثير من التواريخ ، ولكنه ثريّ جدا بالمعلومات
__________________
(١) نشره طورّي Torrey سنة ١٩٢٢ ، وترجم غاطوGateau جزءا منه ، وأعاد عامر نشره في القاهرة سنة ١٩٦١. وفيما يتعلق بالتحفظات التي لا بد من اتخاذها عند استعماله انظر روبير برانشفيك :
R. Brunschvig,» Ibn Abdal Hakam et la Conquete de L\'Afrique du Nord «. Annales de L\'Institut d\'Etudes Orientales d\'Alger, VI, ٢٤٩١ ـ ٧٤.
وهي دراسة مفرطة في النقد غير أنها لم تنقص في نظرنا من أهمية هذا النص الجوهري بالنسبة إلى مصر والمفيد بالنسبة إلى إفريقية والمهم بالنسبة إلى عالم السّود واتصالات عقبة المحتملة مع فزان والتي أنكرها برانشفيك في مقال آخر ، وكذلك الاتفاق الشهير المعروف ب «البقت» مع النّوبيين.
(٢) لا يوجد شيء مهمّ يمكن استخراجه من عبيد الله بن صالح المجمّع المتأخر الذي اكتشفه ونوّه به ليفي بروقنسال. انظر : Arabica ,٤٥٩١ ,pp.٥٣ ـ ٢٤ ، على أساس أنه مصدر جديد عن فتح المغرب ، وقد اتبع موني Mauny حكم ليفي بروفنسال في Tableau ,op.cit.,p.٤٣ ولم يهتم موني كثيرا بالنقد الدقيق في تحليله المثابر والشامل للمصادر العربية.
(٣) باستثناء بعض المصادر الإخبارية المهمة والمجهولة المؤلفين مثل الإمامة والسياسة ، القاهرة ، ١٩٠٤ والمنسوب لابن قتيبة والأخبار المجموعة ، مدريد ، ١٨٦٧.
(٤) نشره غيست R.Guest سنة ١٩١٢ ، وأعيد نشره في بيروت سنة ١٩٥٩.