على بدايات الحركة الفاطمية (١).
ج ـ عرف النصف الأول من القرن الحادي عشر ، تحرير كتاب تاريخ الرّقيق الذائع الصّيت (ت ١٠٢٨ م). وهو مصدر أساسي. واعتبر هذا الكتاب مفقودا غير أن القسط الأكبر منه أورده المجمّعون اللاحقون مثل ابن العذاري ، وقد اكتشف المغربي المنّوني مؤخّرا قطعة منه تخص العهد الإسلامي الأول في إفريقية ، نشرها المنجي الكعبي في تونس (١٩٦٨) دون أن نكون متيقنين من صحة نسبتها إلى الرقيق (٢).
في كل هذه المصادر الإخبارية ، تبقى المكانة المخصّصة لإفريقية السوداء طفيفة جدا ، وتفرض ـ فضلا على ذلك ـ على المؤرخ نقدا دقيقا ومقارنة دائمة بين معطياتها ، وكذلك بينها وبين معطيات ذات أصول مختلفة ، خاصة وأن مؤرخ بلاد المغرب ومصر لا يمكنه التوقّف عندها بل يلزمه ضرورة أن تكون له معرفة معمقة بالمشرق ، لأن ملازمته لهذه المصادر تفرض عليه أن يكمّلها بملازمة معمقة لمصادر الأخبار المشرقية الكلاسيكية.
المصادر الجغرافية
أصبحت هذه المصادر مهمّة ومتعدّدة منذ القرن التّاسع سواء كان منها الذي ينتمي إلى جنس الكرتوغرافيا من نوع صورة الأرض التي أوضحها الخوارزمي ، أو إلى الجغرافيا الإدارية ، أو إلى صنف المسالك والبلدان أو إلى مجرّد أدب الرحلة الروائية تقريبا. توضّح الكتابات الجغرافية العربية رغبة في التصوّر الشامل للمعمورة (l\'oekumere). فلا غرابة إذن في أن إفريقية السوداء وقع تمثلها في هذا النوع من المصادر ، فأصبحت العنصر الأساسي في معرفتنا لإفريقية هذه.
__________________
(١) نشره في تونس فرحات الدّشراوي ونشر في بيروت أيضا.
(٢) رفض محمد الطالبي تماما نسبة هذه القطعة إلى الرّقيق في Arabica ,T.XIX ,Fasc.١ Paris ,٢٧٩١ ,p.٦٨ ـ ٦٩ دون أن يعتمد حجّة مقنعة ، لذلك فإن الشكّ يبقى قائما.