تاريخية فقهية جمّعت الكثير من الوثائق الرسمية مثل الوصف المدقق الذي تمدّنا به لهياكل جبائية ومؤسساتية لمصر. يمكننا ـ في هذا النوع من الوثائق النصف أرشيفي النصف إخباري ـ ترتيب «قوانين الدّواوين» للممّاتي (العصر الأيوبي) و «المنهاج» للمخزومي ، وصبح الأعشى للقلقشندي (القرن الرابع عشر) ومؤلّفات المقريزي المتعدّدة ومنها خططه التي لا تقدّر قيمتها (القرن الخامس عشر) (١). ويمثل المقريزي مصدرا قيما لا فقط بالنسبة إلى كامل تاريخ مصر الإسلامية ، ولكن أيضا بالنسبة إلى بلاد النّوبة وبلاد السودان وأثيوبيا (٢).
المصادر الإخبارية
أ ـ الأخبار ، بعد قرن من الصّمت وهو القرن الثاني عشر ميلادي الذي لم يعترضنا خلاله إلّا كتاب" الاستبصار" لمجهول ، ومؤلفات صغيرة ، يمدّنا القرنان الثالث عشر والرابع عشر بحصاد ثري من المؤلفات الإخبارية من كل النواحي ابتداء من الكامل لابن الأثير ، وصولا إلى كتاب العبر لابن خلدون ، مرورا بابن العذاري والنويري ، وابن أبي زرع ، والذهبي. لقد مثّل كل هؤلاء شهود عيان على أزمنتهم وإلى جانب ذلك ، قاموا بمجهود تأليفي فيما يتعلّق بالقرون السابقة ، فالنويري بقدر ما هو مهم بالنسبة إلى المماليك ، هو كذلك بالنسبة إلى فتح بلاد المغرب (٣) ، وأهمية ابن العذاري بالنسبة إلى التاريخ الموحدي هي مماثلة لأهميته بالنسبة إلى كامل ما في إفريقية ، وأخيرا يعتبر ابن
__________________
(١) Rabie ,٢٧٩١ ,pp.٠١ ـ ٠٢.
(٢) أمدّنا كتابه «الإلمام» بقائمة ممالك المسلمين في أثيوبيا ، التي أخذها في الحقيقة عن العمري. وقد نشرت منها خلاصة في ليدن سنة ١٧٩٠ بعنوان : Historia regum islamicorum in abyssinia.
(٣) لكن هذا الجزء ما زال مخطوطا في المكتبة الوطنية بالقاهرة. ونشير إلى أن ابن شدّاد الذي كتب تاريخ القيروان المفقود حاليا يعتبر أهم مصادر ابن الأثير والنّويري. وأمدّنا مؤخرا كتاب العيون لمؤلف مجهول الذي نشره ع. السعيدي بدمشق بمعلومات مفيدة عن بلاد المغرب.