الوالي. مبدئيا يؤدي الوالي هذا الدور بصفة كاملة سواء بصفة مباشرة أو عن طريق واسطة سواء الشرطة أو القاضي. وهذا الأخير ليس سوى ممثل للسلطة العمومية ، غير أنه ، بسبب موقعه الديني ونطقة التواصل بالخليفة منذ تعيينه ، فإنه يخرج إلى حدّ ما عن مراقبة الوالي (١). لكن سوف نرى أن هذا الأخير يمكن أن يعيّنه كما يمكن له عزله وذلك حتى زمن العباسيين. ويتفرغ القاضي أساسا للعدالة المدنية التي يردف لها تطبيق إقامة الحدود. أما الوالي فإنه يسيطر على القضايا القمعية والإجرامية ، وكما هو في الشرق (٢) فعليه بلا شك أن يقوم بهذا العمل وذاك ، بمعنى أنه صاحب الكلمة الفصل في الشؤون السياسية (٣) وشؤون الإعدام والقتل. ويكاد لا يحتاج في هذا الصدد سوى إلى ملاحظة ما يمكن أن يقوم به من مظالم في قراراته الحكومية ، في كلّ مرة تدخل فيها عوامل سياسية في الحسبان ، لأن الوالي يتمتّع في نهاية الأمر بشيء مماثل لعبارةjus gladii أي حقّ السيف الرومانية ، وهي تعبير يتراوح بين العدالة الصرف ومجرد امتلاك السلطة.
أخيرا ، وبحكم وحدة سلطة الحكومة في إفريقية ، يجد الوالي نفسه رئيس الإدارة. وسوف نرى بالتدقيق إمكانياته في الفعل والعمل من خلال تحليل كلّ قطاع إداري على انفراد. عموما لنقل أنه يتولى تعيين الوظائف العمومية ، ويراقب المكاتب أو الدواوين وله اليد العليا على كل ما يتصل بالجباية : ضبط قيمة الضريبة ، جمعها وتحويلها ، الأمر بصرفها واستخدام المصاريف. بمعنى أنه يمتلك اختصاصات هامة في الجانب المالي.
صحيح أن هذه النقطة الأخيرة يمكن أن تؤدي إلى اختلاف لدى
__________________
(١) انظر لاحقا في دراستنا هذه ما يتعلق بالجانب التنظيمي.
(٢) قارن هذا بتصرفات حكّام العراق مثل الحجّاج : الطبري ، تاريخ ، ج ٦ ، ص ٢٠٢ ـ ٢٠٩. انظر أيضا تيّان ، تاريخ النظام القضائي في بلاد الإسلام ، ليون ، ١٩٤٣ ، ج ٢ ، ص ٧ ـ ٤٠٥.
(٣) رياض النفوس ، م. س ، ص ١٤٢.