يمارسه الوسط العسكري العربي على الإيمان الحديث للداخلين في الدين الجديد. فقد تمّ بفضل هؤلاء البربر فتح إسبانيا وهو ما يؤكد نجاح سياسة الانفتاح على العالم البربري. لكن سرعان ما برزت مشاكل خطيرة ، فتؤكد المصادر على حيوية مطالب الجند من البربر في المساواة وفي توزيع الغنيمة والعطاء ، وتنقل هذه المصادر الكيفية التي تصرّف بها الوفد الذي توجّه لهشام بن عبد الملك (١). فلا يمكن في أي حال من الأحوال أن تكون ثورة الخوارج قد اندلعت في دائرة العناصر البربرية المسجلة في الجيش لأن هذه الثورة ستعتمد على احتجاجات الفلاحين والمدنيين لدفعهم الجزية. وبصفة عامة استندت هذه الثورة على الغضب الآخذ في الانتشار بين جموع البربر إزاء الابتزاز المتكرّر للجباية العربية. لكن من الممكن أن تكون هذه الثورة قد تأجّجت بصفة خصوصية وتأطرت لوقت طويل من طرف الأتباع القدامى من البربر. في هذه الحالة من البديهي أن هؤلاء قد هربوا من الجيش العربي وأن القيادات العربية فقدت بعد اندلاع الثورة ثقتها فيهم ولم تعد تنتدبهم تماما. وبداية من ١٢٢ ه ، لم نعد نقرأ شيئا في المصادر حول دخول البربر إلى الجيش. لقد أصبح هذا العنصر معاديا. فمن وجهة نظر التاريخ العسكري ، فإن الجيش العربي قد لفظ ما فيه من" بربرية" ، إذا جاز التعبير.
هناك مجال ضمن هذا الباب لفحص التنظيم الداخلي للجيش وهيكلته في وحدات وطريقة المكافأة ، إلى جانب التأطير والقيادة.
ففي القرنين الأوّلين للإسلام كانت في الشرق طريقة المكافأة المعتمدة بشكل عام أكثر من غيرها تتمثّل في العطاء (٢) ، أو منح نقدية توزّع دوريا على المقاتلة من قبل السلطة. ظهر العطاء إذا كمصاريف عادية من ميزانية الدولة. ويختلف هذا النظام عمّا كان يجري به العمل في
__________________
(١) م. ن ، ص ٣٣١ ؛ مؤنس ، فتوح العرب ، م. س ، ص ٢٩١.
(٢) دائرة المعارف الإسلامية ، ط ٢ ، مقال" عطاء" ، لكلود كاهان.