أن تكون مرتبطة بنوع من الرضا بالأرض (١).
إذن رغم كل ما من شأنه أن يقرّب إسبانيا من إفريقية في عديد المجالات فإن نظام إفريقية كان يختلف عنها تمام الاختلاف. فلم تعرف إفريقية تقسيما لأرضها رغم أن الفقهاء يقرّون بأن وضعية الأرض في هذه المقاطعة تطرح عليهم لغزا (٢) ، فواضح أن ظاهرة في مثل تلك الأهمية لا يمكن أن تكون قد فاتتهم ، هذا إذا كانت قد وجدت أصلا. وفعلا ، تبقى تقسيمات الفقهاء هي وحدها المتّفق عليها : أرض عنو ، أرض صلح ، أراض أسلم أهلها (٣). والمسألة الأخرى التي لا تقلّ دلالة هو أنه يبدو أن الفقهاء كانوا يعتبرون حالة إسبانيا هي بالتدقيق وضعية استثنائية (٤). فالمغرب في مجمله لم يعرف التنازلات العقارية ـ بالمعنى الواسع للكلمة ـ مقابل الخدمة العسكرية إلّا مع المرابطين. فنحن متفقون مع هوبكنز عند ما يؤكد على أن «هذا النمط الجيّد المعروف هو الذي تمّ اختياره بصفة متأخرة في المغرب» (٥) ، كذلك باتفاق مع سورديل نعتبر أن لفظ جند المعتمد في إفريقية كان للإشارة إلى مجموعات العسكر القادمة من الشرق مع الولاة العبّاسيين ، ليأخذ معنى آخر خاصا جدا : معنى يفيد المجموعات الخاصة بالأمير (٦).
__________________
(١) تاريخ إسبانيا الإسلامية ، م. س ، ص ٨ ـ ٦٩ ؛ ح. مؤنس ، فجر الأندلس ، القاهرة ١٩٥٩ ، ص ٥٥ ـ ٦٠.
(٢) الداودي ، م. س ، ص ٤٢٨.
(٣) نجد هذا التقسيم لدى الداودي ولدى أغلب الفقهاء. على سبيل المثال الشيخ الفاسي ، فقيه متأخر لكن ينقل الحلول القديمة لابن أبي زياد ، الأجوبة الفاسية ، مخطوط استعرناه شاكرين من الشيخ جعيط ، وهو غير مرقم الصفحات. وأهمّ من هذه الإشارات ما ورد لدى سحنون : المدونة ، القاهرة ١٣٢٣ ، ج ١١ ، ص ص ١٧٥ ـ ١٩٩. انظر كذلك هوبكنز ، م. س ، ص ٣٠.
(٤) عبد الله بن أبي زيد القيرواني ، النوادر والزيادات ، مخطوط الجامعة التونسية ، ٥١٩٢ ، ا ، ص ٣٤٠ ، وما بعدها : «القول في أرض الجزية والحكم في أرض الأندلس والتي قسمت ولم تخمّس».
(٥) الدولة الإسلامية في العصر الوسيط.
(٦) دائرة المعارف الإسلامية ، ط ٢ ، المقال السابق.