تتمّ مكافأة الجيش بإفريقية عاديا بالعطاء. وحول هذا الموضوع يمكن تعديد الأدلة بدون صعوبة (١). ففي العصر الأموي كانت الأجور تذهب للأغلبية الساحقة ، وربما لكافة العرب بإفريقية. على غرار مصر (٢) ومقاطعات أخرى كانت عائلاتهم وأطفالهم تحصل على جرايات وعلى توزيع المؤن (الرزق). ثم صارت المنح مع الولاة العبّاسيين مرتبطة بالخدمة العسكرية الفعلية والتي كان يعفى منها كثير من عرب من موجات الهجرة الأولى. وفي تلميح لابن القوطية ، أثبت فوندر هايدن (٣) أن هناك ما يسمح بالاعتقاد بالفعل بتجميد العناصر القديمة من طرف يزيد بن حاتم ، وهو الوالي الذي أعاد تنظيم الجيش بإفريقية. وقد تمّ خلال هذه العملية تركيز الجند القدامى الأمويين بوادي مجردة. ولا شك أنهم تمتعوا بأراض جماعية يمكن للدراسة التبونيرية ضبطها بدقة. لذلك نجد في خريطة ماطر هنشير أغالين (٤) ، وهي تسمية تستمدّ جذورها من نسب بني عقيل فرع من عامر بن صعصعة وهي قبيلة مضرية (٥). كما نجد على ورقة طبلبة جبل مهرين وهي قرية تحمل اسم مهرين (٦) الذي يذكّر بعشيرة مهرة وهي تشكيلة يمنية تمتّ بقرابة إلى قضاعة (٧). وعلى نفس الورقة نذكر أيضا جبل الأنصارين وهو المكان المعروف بالأنصارين ، كما نجد على ورقة أريانة الكلبين ولزدين (٨).
__________________
(١) ابن عبد الحكم ، فتوح ، ص ٢٨٨ ؛ ابن الرقيق ، الورقة ٢٣ ؛ البيان ، ص ٥٨ ؛ رياض ، ص ١٢٢.
(٢) في عهد مسلمة بن مخلد ، نجد ذكر موظف خاص ، مكلف بخطة في" الحالة المدنية" تتمثل في البحث عن المواليد الجدد وتسجيلهم في سجل العطايا : فتوح مصر ، م. س ، ص ١٤٦ ؛ المقريزي ، الخطط ، ص ١٦٧.
(٣) ابن القوطية ، م. س ، ص ٤١ ؛ المغرب الشرقي ، ص ٧٩.
(٤) خريطة تونس بمقياس ٠٠٠ ، ٥٠ / ١ ، رقم : F.XII.
(٥) ابن حزم ، جمهرة أنساب العرب ، القاهرة ، ١٩٦٢ ، ص ٩٠ ـ ٢٩٢.
(٦) خريطة رقم F.XIX.
(٧) الجمهرة ، م. س ، ص ٤٤٠.
(٨) خريطة رقم F.XIII ، لزدين متأتية من الأزد ونعرف أنه قد مثّلهم عدد كبير بإفريقية ، وهم ليسوا من الأصل البربري لزداي كما يظنّ ذلك بليغران. بصفة عامة فإن العشائر التي